نعم، عندما خرج اللبنانيون عشية ١٧ تشرين عام ٢٠١٩، إنما خرجوا لأنهم استشعروا أنهم اصبحوا ذميين عند الولي الفقيه الذي يريد تدمير لبنان وحرمانه من الحياة، وهو الذي لا يرى أنه دولة مستقلة لها كيانها وكرامتها، بل يراه قلعة تابعة له على سواحل المتوسط، ينطلق منها لينشر القتل والدمار في الأرض تمهيداً لإقامة دولته العالمية المزعومة وإعادة دورة الحياة آلاف السنين الى الوراء.
 

  أيها اللبنانيون:لكي تخرجوا من جحيم ما تعيشون الى جنة الولي، ليس أمامكم سوى إعتناق مفاهيم وإعتقادات وسياسات حزب الله.

 

 

في إطار سعيه إلى قلب موازين البلد، “من الحقارة إلى الاحترام ومن المغلوب إلى الغالب في المنطقة”وفي معرض تحديده معالم “الكرامة الوطنية” التي يجب على لبنان أن يقتدي بها، وإلا فإنّ “هذا الوطن لا يستحق الحياة” إذا كان مصيره يقف على دعم “دولة أو مملكة”، حدد رئيس المجلس التنفيذي للحزب الحاكم هاشم صفي الدين معالم الكرامة الوطنية من خلال تحديه للعالم المتحضر، فإعتبر أن لا حياة يستحقها لبنان إذا ما سلك دروب التطور والإزدهار مختزلاً كل اللبنانيين بجميع إعتقاداتهم وسلوكياتهم الفردية منها والعامة، 

 


معتبراً حزبه حزب الخلاص ومتجاهلا كل التقديمات والمساهمات في بناء لبنان بعد إنتهاء الحرب الأهلية ومتنكراً لكل الدعم الذي قدمته دول الخليج العربي بعد حرب تموز  ومغامرات الحزب العبثية والمتهورة وغير المسؤولة .

 

 

يحق للسيد هاشم صفي الدين وحزبه أن يتلقوا دعما وأموالا وسلاحا من دول خارجية وهذا بإعتبارات الحزب قمة الكرامة الوطنية بينما يُعتبَر من يطالب بعلاقات طبيعية مع دول شقيقة تجمعنا بها لغة واحدة ودين واحد عميلا فاقدا للكرامة، والمفارقة أن تلك الدول كانت ولا تزال تمدّ أيدي الخير والمحبة للبنان؛ وبحسبة بسيطة، فإن ناتج الدعم من قبل المملكة العربية السعودية قد بلغ أكثر من سبعين مليارا صرفت على مشاريع أنجزت على كامل الأراضي اللبنانية دون تمييز بينما يأخذ الدعم الإيراني طابعاً مذهبيا بل  وفئويا لم تستفد منه سوى نسبة لا تتجاوز العشرة بالمئة من الشعب اللبناني .

 


هذا على الصعيد المادي، أما موضوع الكرامة التي صدّعوا رؤوسنا به فنسألهم: هل القصف الإسرائيلي شبه اليومي لمواقعهم ومواكبهم في سوريا ينضوي تحت عنوان الكرامة؟ وهل عمليات الكوماندوس الإسرائيلي داخل العمق اللبناني من الضاحية الى النبي شيت وغيرها من مواقع التدريب والتخزين يندرج ضمن السيادة والعزة ؟!!!!

 

 

  يبدو أن السيد صفي الدين تناسى أن حزبه لم يترك شبراً واحداً من الدول العربية إلا وله فيها "مآثر" من المحاولة الفاشلة لإغتيال أمير الكويت في ثمانينيات القرن الماضي الى عمليات تفجير الخُبر في المملكة السعودية وإختطاف الطائرات بركابها في خرق فاضح لكل  المبادئ الأخلاقية والدينية والإنسانية،الى التدخل وخوض الحروب المدمرة ضد شعوب سوريا والعراق واليمن، وصولاً الى إنشاء الخلايا النائمة في مصر وكل دول الخليج العربي، كل ذلك ويتنطح السيد صفي الدين ليملي علينا دروسه في السيادة الوطنية والكرامة والعنفوان.

 

 

بعد كل تلك السياسات التي ينتهجها حزب الله، ألا يحق للبنانيين أن يطلبوا منه التوقف عن ممارساته هذه والنزول من أعلى الشجرة، فلبنان ذو وجه عربي وثقافته ثقافة إنفتاح وقبول للآخر ولا يحق لأحدٍ تحت أي ذريعة أن يستفرد بقراراته ويحدد  هويته. 

 


مفهوم حزب الله للسيادة  أقل ما يقال فيه أنه مفهوم رجعي غير متحضر وإنعزالي، مفهوم قائم على مبدأ الاستئثار والغلبة بقوة الامر الواقع، تُستخدم فيه شعارات الوحدة الوطنية مفرّغة من كل مضامينها، لا يُراد من خلالها سوى إحكام السيطرة على ما تبقى من مؤسسات خارج نفوذه. 

 

 

نعم، عندما خرج اللبنانيون عشية ١٧ تشرين عام ٢٠١٩، إنما خرجوا لأنهم استشعروا أنهم اصبحوا ذميين عند الولي الفقيه الذي يريد تدمير لبنان وحرمانه من الحياة، وهو الذي لا يرى أنه دولة مستقلة لها كيانها وكرامتها، بل يراه  قلعة تابعة له على سواحل المتوسط، ينطلق منها لينشر القتل والدمار في الأرض تمهيداً لإقامة دولته العالمية المزعومة  وإعادة دورة الحياة آلاف السنين الى الوراء.