منذ اليوم الأول لتوقيف هذا المجرم، ومع التدخل الأميركي المباشر وممارسة كل أنواع الضغوطات للإفراج عنه، عرفنا جميعا أن اليوم الذي سوف يفرج عنه ليس ببعيد.
 

كمعارض لسياسات حزب الله، أستطيع كما كثيرين غيري أن أتخذ من هذه الحادثة منصة كبرى لإطلاق النار على الحزب، وأقل ما يمكن قوله في هذا المجال أن ورقة التوت قد سقطت وبانت عورة الحزب للمرة الألف وخضوعه للاملاءات الاميركية، تماما كما بانت هذه العورة وبشكل أفظع من "تحرير" مجرم الخيام حين وقف حزب الله سداً منيعاً أمام ثورة 17 تشرين وحمى السلطة السياسية الفاسدة بعمامته وجبته !! 

إلا أن الموضوعية هنا تفرض مقاربة بشكل هادئ وبراغماتي، فأقول حسناً فعل حزب الله بإطلاق سراح هذا العميل المجرم، وإن كان هذا الموقف قد لا يعجب كثيرين إلا أن الحق يجب أن يقال، فأنا ومن موقعي كأسير سابق في سجون الاحتلال، وإن كنت أعتبر أنّ جرحا عميقا قد ثلم في صدري جراء هذه الحادثة وكنت أتمنى أن أرى هذا الجزار معلقا على أعواد المشنقة في ساحة سجن الخيام، إلا أن من غير المنطق غضّ النظر عن تبعات هذه الامنية.

منذ اليوم الأول لتوقيف هذا المجرم، ومع التدخل الأميركي المباشر وممارسة كل أنواع الضغوطات للافراج عنه، عرفنا جميعا أن اليوم الذي سوف يفرج عنه ليس ببعيد، وأن كل ما يساق من "هوبرات" ممانعة حول التصدي للضغوط الاميركية لا تعدو أكثر من مواد إعلامية للاستهلاك المحلي.

إقرأ ايضاً : دعوة نصرالله للتكاتف، والخطوات المطلوبة منه


 
بالمقابل تعالوا نفترض سيناريو مختلف، حزب الله يتعنت ويمنع الافراج عن الفاخوري ويعرّض لبنان وإيران لعقوبات أكثر ولحصار أضيق في لحظة إفلاس معلن لكل من إيران ولبنان، وفي لحظة فيروس الكورونا الآخذ بالانتشار مع إمكانيات طبية عند البلدين هي أقرب ما تكون للفضيحة، ألن يقف كثيرون حينئذ لللتنديد بموقف الحزب والقول صراحة بأنّ تعنته وسياسة تحديه لأميركا هي السبب بما قد يصيبنا ويصيب الشعب الايراني معنا من ويلات ومصائب؟!! 

يبقى لا بد هنا من القول بأن على حزب الله وفريقه السياسي الحاكم أن يصارح جمهوره أولا واللبنانيين ثانيا، وأن يتوقف عن سياسة التكاذب، وأن يخبرنا عن حجم الصفقة المبرمة تماما كأي عملية تبادل قام بها سابقا على جنود صهاينة أو بقايا جثث لجنود صهاينة، لأن النقاش المجدي إنما يكون هنا تحديدا، فإذا ما كان ثمن الصفقة قد أخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين فأنا أجزم بأن أهالي ضحايا هذا المجرم سيرحبون بالأمر ولن يعترضوا، فالدماء التي بذلت وآلام الاسرى وكل العذابات التي قدّمت على طول مسيرة المقاومة الوطنية منها والاسلامية إنما بذلت لمصلحة الوطن، ولا بأس ساعتئذ أن تكون عملية الافراج عن مجرم هي في هذا السياق الطبيعي والمتوقع.
 
أما أن تكون عملية الافراج هذه، تمت فقط بناءً لرغبة إيرانية وبأوامر صادرة من طهران من أجل الحصول على بعض المساعدة من صندوق النقد الدولي هناك ، وأن تكون المكاسب اللبنانية هي مجرد إرضاء الأميركي عن العهد الميمون والصهر المعجزة على أمل رفع العقوبات المتوقعة عنه وبقائها على الشعب اللبناني، فإن الحديث حينها سيكون له مجالا مختلفا، ليس من طرفنا فقط وإنما من أسرى المقاومة وعوائل شهدائها قبل أي أحد، وللأسف فإن طريقة مقاربة الحزب وإصدار بيان طفولي لاستنكار الحدث، لا يبشر بالخير، ويقول بوضوح  أن وراء الاكمة ما وراءها وأن فضيحة مدوية تنتظر الحزب .