جهل السيد حسن نصر الله بمجريات المباحثات وابرام اتفاق سعودي ايراني برعاية صينية كان جليا وواضحا، مما وضع السيد بموقف لا يحسد عليه، فبدا وكأنه آخر من يعلم بعد أن كان الجميع يعتقد بأن السيد هو جزء من القرار الايراني ومشارك بصناعته، بالاخص فيما يتعلق بالساحة الاقليمية والوضع العربي وهذا ما جهد اعلام الحزب والسيد شخصيا على ابرازه لسنوات طويلة "نحن اسياد عند الولي الفقيه".


 
وهنا يُطرح السؤال البديهي، عن السبب خلف هذا السلوك الايراني الذي اطاح الى حد كبير بصورة وموقع السيد وهشم ما كان الحزب يحرص على الدوام من تظهيره وتأكيده بالخصوص داخل بيئة الحزب وجمهوره، وتقديم السيد على انه غير تابع ويتلقى الاوامر من الولي الفقيه وانما وصل الى مرتبة من الثقة عند المرشد بحيث صار يتمتع بهامش من استقلالية القرار ليس على الساحة اللبنانية فقط وانما بما يخص باقي الساحات ( اليمن – سوريا – البحرين – العراق ).

 

بالواقع فإن الجواب على هذا التساؤل ليس بالصعوبة المتوقعة ولا هو يحتاج الى كثير من المعطيات، وبمراجعة سريعة على الكثير من المواقف لمسؤولين ايرانيين، نستطيع ان ندرك ونتلمس العقلية الايرانية وطريقة مقاربتهم وتعاطيهم مع اذرعهم الخارجية ومنها حزب الله، وبأنها لا تعدو اكثر من عقلية التابع مع المتبوع، او الولي مع القاصر او القائد مع الجندي.


 
وبهذا المعني فإنها ليست هي المرة الاولى التي يُظهر فيها الايراني حقيقة مشاعره التي تحرج الحزب وباقي اتباعه في المنطقة، أفلم يخرج علينا أحد أولئك المسؤولين مرة ليتبجح باحتلال اربع عواصم عربية؟ أفلم يقولها صراحة مسؤول آخر أن حدود الجمهورية الايرانية هي على شواطئ البحر المتوسط؟، ألم يصرح قائد الحرس الثوري مرارا وتكرارا بانه في حال تعرّض ايران لأي ضربة فإننا سوف نرد من جنوب لبنان؟


 
ومن خلال ما تقدم، فإن الحقيقة تقول بأن القيادة الايرانية ( الولي الفقيه )، لا ترى في حزب الله الى فصيلا عسكريا من فصائل الحرس الثوري، يختصر دوره ووظيفته بالخطط العسكرية الموضوعة من قيادته ليس إلا، فلو أن القرار الايراني مثلا كان قرارا تصعيديا نحو الحرب لشاهدنا حينئذ اسماعيل قاأني في بيروت " يتشاور " مع قيادة الحزب عن الدور والوظيفة المناطة به وما يستلمزمه ذلك من حاجات لوجستية وما الى ذلك.


 
اما والقرار هو قرار سياسي، والمرحلة مرحلة اتفاق وتسوية فلا تجد القيادة الايرانية من حاجة او ضرورة لابلاغ الحزب بما ليس من اختصاصه ولا وظيفته، وليس المطلوب منه الان الا السير وفق التوجه الايراني الجديد والرقص على انغام الموسيقى التسووية. وهذا ما سوف يحصل .