فجأة استفاق اللبنانيون، ( رأي عام وحكومة ) على ازمة مستعصية اسمها النازحين السوريين واحجامهم المرعبة التي تحولت الى تهديد حقيقي ليس على الجانب الاقتصادي والحياتي فحسب وانما الى تهديد وجودي للكيان اللبناني.
 
الجميع يعترف ان طاقة لبنان الصغير استنفذت حتى الرمق الاخير من هذا التواجد العشوائي والغير منظم والتي يتحمل مسؤوليته اولا واخيرا الحكومات المتعاقبة منذ بداية الازمة السورية في الـ 2011 وحتى يومنا هذا، لحسابات منفعية وللاستغلال السياسي لخدمة مصالح فئوية لا تمت الى مصلحة النازحين او اللاجئين ولا طبعا للمصلحة الوطنية باي صلة.

اللافت هنا، انه ومع ارتفاع الصرخة الشعبة والمطالبة بحل تلك المعضلة الخطيرة، نسمع اصواتاً  شعبوية تتحدث عن " العنصرية " كسلاح فتاك يرتفع في وجه المطالبين بالحلول ، وللاسف فان لهذا السلاح وقعه وخشيته على النفوس بحيث نرى كثيرين من اللبنانيين لا يتجرأون على البوح بمكنوناتهم والتصريح بقناعاتهم بالمطالبة بترحيل النازحين السوريين او على الاقل تنظيم تواجدهم حتى لا يتهموا بالعنصرية .

بعيدا عن القول بما يعرفه الجميع بان معظم هؤلاء النازحين هم من اتباع نظام الاسد ومؤيديه وناخبيه  وان مناطقهم في سوريا اصبحت بالاجمال مناطق آمنة لا حروب فيها، وبالتالي لم يعد من المنطقي ولا القانوني ولا حتى الانساني إطلاق تسمية "لاجئين" عليهم، وان تواجدهم في لبنان هو بخلفية نفعية بحتة ولتحصيل مبالغ مالية ان من الجهات الدولية المناحة او من خلال العمالة، بعيدا عن كل ذلك اود القول وبكل صراحة ان " العنصرية " هنا لا معنى لها ولا مكان 
فضلا عن ذلك فانا اقول وبالفم الملآن، ان العنصرية التي يحاولون اخفاتنا بها، ليست هي صفة شريرة على الدوام وفي كل الازمنة، بل اكثر من ذلك فانا ادعي ان واحدة من مشكلاتنا الوطنة التي يجب ان تبلور هويتنا اللبنانية هي ضعف العنصرية.

لدينا كشعب لبناني هذا الضعف بالعنصرية، هو الذي دفعنا العبث باولوياتنا وضياع وطننا، مرة لتقديمنا مصلحة القضية الفلسطينية على حساب المصلحة الوطنية، ومرة لمصلحة العروبة ومرات لمصلحة الغرب وكل ذلك ما ادى الى خسارة وطننا لبنان ولم تنتفع القضايا الاخرى الا في مخيلة واوهام حاملي تلك القضايا.
 
فاذا كانت العنصرية اللبنانية، هي الممر الاجباري للحفاظ على وطننا ومجتمعنا وقوة منعته ( كما كل شعوب الارض )، فمن مصلحة اللاجئ الحقيقي الهربان من بطش النظام ولمصلحة بقاء لبنان، على كل لبناني ان يعلن بلا خجل ولا وجل: نعم انا عنصري، لان العنصرية الحقيقية بمعناها السلبي انما هي مجسدة من هؤلاء السوريين المتواجدين على ارضنا ويساهمون بدمارنا بدون ان يرف لهم جفن ويقدمون مصالحهم ومصلحة نظامهم على حسابنا كلبنانيين،  وليس العكس .