و أخيراً إقتنع حزب الله بحكومة بأكثرية تكنوقراطية وبتمثيل رمزي لسياسيين غير فاقعين ولهم علاقة أو صلة بالفساد أو ممن اشتهروا في الحكومات لكثرة تداولهم للوزارات وبرئاسة الشيخ سعد الحريري المتمسكين به كخيار لا بديل عنه و لا إمكانية لتكليف سواه كونه المنقذ لإفلاس الثنائي سياسياً و عدم قدرتهما على مداواة الوضع الإقتصادي بغير الأدعية و فريضتيّ الصلاة و الصوم كي يتمكن شعب المقاومة من مواجهة و مقاومة أزمة كونية كما ينظر جهابذة  من النواب و الحزبيين و آخرين من صناعات غير محلية وهي  مفتوحة على السلاح لليّ إرادة المقاومة من أعالي جبال اليمن إلى بطون العراق و سورية .
 
هذا الإقتناع لضرورة مجترحة من الرئيس بري دون جبران باسيل وزير العهد القوي ورئيس التيار القوي و الكتلة النيابية القوية و دون أيّ وزارة له في حكومة  وافق عليها حليف جبران باسيل الذي إجتمع عليه اللبنانيون على إختلاف طوائفهم حتى من هم في صفوف التيّار أو من محبي العهد أو من هم في صفوف حلفائه السياسيين ونبذوه نبذة واحدة لسوء إدارته السياسية وتحليه بأخلاق التحريض الطائفي رغبة منه في تولي الرئاسة على حساب الطائفة القوية التي أخرجها من وهن الطوائف كما يدّعي .
 
إن إدراك الوزير باسيل بأن الحزب الذي يحتمي به قد تركه وسط عاصفة الثورة التي كسرته و جعلته يلم أذيال الهزيمة بعد أن تصوّر نفسه البشير والمبشّر الجديد في المسيحية السياسية و هذا ما نفخ في صورته و ضخم منها ليصطنع لنفسه هالة القديسين كما تفوه أكثر من مخمور بكافور الطائفية عندما وضعوه جنب الإله يسوع بحسب ما يعتقدون و لكن سُرعان ما وضع على صليب الثورة لجرأته في تهديدها و تخوينها و تهوينها و الدعوة المضادة لها كي يتصارع الشارعان و تنفذ سموم السلطة الى جسد الثائرين من أجل وطن لا من أجل عائلة تتحكّم بالغنم و تترك للشعب الغرُم .
 
لأوّل مرة يخيب ظن جبران بحليفه و لأوّل مرةّ يكون التيّار بلا تيّار لأن قوته مستمدة من حليفه و دونه هو من الأخسرين أعمالاً ولا يمكن له الوصول إلى ما هو عليه من تيّار سلطوي جارف للرئاسات و للنيابة و الوزارات و الوظائف و الخدمات بحيث يحتل التيّار مساحة السلطة تأثيراً و حصصاً دون غيره حتى حليفه الذي وهبه نعيم السلطة لا يتمتع بوفير ما هو عليه من نعم لا تحصى و لا تُعد .
 
هدّد التيار بإنتقاله إلى المعارضة اذا ما تمّ صرف رئيسه من الحكومة الحريرية التكنوقراطية رغم إفتقاره لحسّ المعارضة لتجربته في السلطة و التي لا تُشجع أحداً على مجاراة التيار في المعارضة كونه افتضح أمره و ما عاد يُقنع حتى أهل التيّار من المنشقين منه و عليه .
 
من بركات الثورة أنّه لم يعد هناك إمكانية لإيقاف البلد من أجل أحد كما حصل سابقاً و لمرات عدّة و بات القادرون على الإيقاف غير مقتنعين بضرورة إيقاف البلد كي يرضى هذا أو ذاك لأن المصير على المحك فأزمة البلاد و العباد لا تعالج بجبر الخواطر و إنما تحتاج إلى تضحيات و ذبائح وخاصة عندما يكون المعنيون بلا معنى و غير قادرين على معالجة الأزمة وينتظرون الفرج من أعدائهم و هذا ما يفضح خواء الأقوياء في لبنان و يجعل من قوتهم مجرد ورم لا أكثر .