ربما حلّت جرأة السيّد المسيح في المطران الياس عودة فنطق بما يخرس به الكثيرون من وزن المطران و قال بأن البلد يحكم من قبل شخص واحد معروف و من قبل جماعة محكومة و تحكم بقوّة السلاح في بلد عرف ببلد الثقافة و السلم  و العلم و هذا ما لم يعجب بالطبع الجهة التي اعتبرت بأن المطران يقصدها في عظته فردّ النائب محمد رعد من بعلبك معتبراً أن لبنان أكبر من أن يحكم من قبل شخص و من ثمّ إستدرك فأكمل بان هذا الشخص العاقل و الحكيم يرفض أن يحكم لبنان كون هناك عقلاء آخرون في لبنان و مكونات مختلفة و هذا الردّ من قبل جهة معنية في قيادة الحزب ألطف الردود على المطران عودة لولا إتهام رعد لعودة بالفتنة و التحريض و التعمية المقصودة لصالح مشروع  إستهداف المقاومة .
 
طبعاً تلا رعد وسبقته سيول غزيرة من الرعود و البروق ضدّ المطران و انبرى رجال الدين للدفاع و الأدانة كي يُذكرون في المجالس الخاصة لعلّ و عسى يٌحظون بيسر لا بعسر هضم للوظائف المتبقية و التي لم يحصلوا عليها بعد و يراهنون على الترقية الطائفية من خلال المدح هنا و الذمّ هناك.
 
ما يهمنا هنا ليس الإصطياد الخبيث من قبل بعض الرادين على المطران عودة لأنهم سعاة مصالح بواسطة الشرّ الكامن في طيلسناتهم و ليس التعليق على المطران في ما قاله سواء كان سلباً أو إيجاباً بالنسبة للبعض وليس التعليق أيضاً على ردّ رعد و سواء كان مبراراً أو غير مبرر بهذه الطريقة في نظر البعض أيضاً لأن التأييد هنا و التنديد هناك لا يُجلب إلاّ الشتم و الشتيمة من قبل المتعصبين الحزبيين و الطائفيين وبالتالي ليس من الإهتمام بشيء الوقوف على المواقف فهذا شغل الرافضين للحرية قولاً و فعلاّ و ممارسة .
 
لذا تبدو المسألة قائمة بين وجهتيّ نظر مختلفتين في كل شيء من التفاصيل الصغيرة الى العناوين الكبيرة وهذا ما أكّدته الثورة الحاصلة في لبنان و التي لا تتماشى مع تعبيرات جهات حزبية طائفية لا في الأسلوب ولا في الكيفية بعيداً عن المضمون وهذا ما ينيط اللثام عن موعظة المطران التيّ تحدّد هوية لبنانية مختلفة عن هوية لبنانية أخرى و هذا ما دمغته ردرد الأفعال المتتالية لمن هم في المسؤولية المباشرة أو من هم خارجها من قبل جحافل الطوائف الجاهزة دوماً للتهوين و التخوين و التكفير و التهديد و المتوزعة على الجبهات الطوائفية المتعددة .
 
من هنا تتسع يوماً بعد يوم الهوّة بين اللبنانيين و يصبح مؤشر وجود لبنانين أكثر إرتفاعاً من ذي قبل و هذا ما يلامس الواقع و يجعل منه مادة دسمة لخلافات لن تنتهي طالما أن ديدن اللبنانيين و هواهم إختلافي من البابوج إلى الطربوش رغم محاولات " المكيجة " المفضوحة في المناسبات التي يتبارى فيها رجال الدين لتأكيد و حدتهم و توحيدهم لخالق هو واحد لكنه متعدّد في أديانهم و مذاهبهم و هو مُدان في مجالسهم الخاصة كون كل فرقة دينيّة قد و صفّت إلهها بأوصاف مختلفة و جعلته أحد أتباعها الذي يدور معها كيفما دارت .