جاء تكليف النائب تمَّام سلام إسترداداً لهويةٍ تاريخيَّةٍ مزَّقها رصاص اليسار لأنها تمثِّل بيوتات سياسية منتمية إلى الرجعيَّات العربية وأنظمتها المتعاملة مع المعسكر الرأسمالي المعادي لمصالح وسياسات الشعوب الكادحة..لذا دفعت نتائج الحرب الأهليَّة في لبنان إلى قيام طبقةٍ سياسية مكان طبقةٍ أخرى ، أي تمَّ إسقاط البكوات التقليديَّة ورفع قيادات شعبيَّة حزبيَّة مرتبطة بسواعد العمَّال والفلاحين وطبقاتهم المحرومة والمستضعفة...لذا كرَّس الطائف زعامات سياسية ميلشياوية قادمة على عربات منتصرة وخلفها توابيتُ شهداء وضحايا ساهموا في نهاية المارونية السياسية وبداية طائف سياسي تتحاصص فيه الطوائف مسؤوليَّات الدولة..منذ الطائف تشكَّلت حكومات من تيَّارات الحرب ولم تستطع أن تكون بديلاً نزيهاً قادراً على الإحلال مكان رجالات دولة العام 1948 ولا أن يكون زعماء هذه التيَّارات من قماشة "كميل شمعون وكمال جنبلاط ورشيد كرامي وصائب سلام" لذا إصطدمت الحكومات المتعاقبة بجدار بناء دولةٍ مماثلةٍ لحجم الدولة التي بناها رجالات الجيل الأول من السياسيين اللبنانيين لأنَّهم يفتقرون إلى كثير من المناقب والأخلقة السياسية والإرادة الحرَّة، فباءت كل محاولاتهم بالفشل الذريع.... ففي السياسة والإقتصاد ترهُّلات أهلكت البُنى التحتية كافة ، وبعد أن سقط الجميع في حكومات البيوتات الجديدة عادوا إلى التقليد السياسي وإلى بيت الزعامة البيروتية لإنتشال لبنان في مرحلةٍ تاريخيَّةٍ حسَّاسة من فتن التقدميَّات اليسارية والإسلاموية وتشكيلاتهم المذهبيَّة والطائفيَّة...أتمنَّى من الرئيس المكلَّف أن يشكِّل حكومة من قماشته وممَّا تبقَّى من بيوتات تقليديَّة في الأوساط الإسلامية والمسيحية لأنَّهم أكثر صدقاً وإخلاصاً وأخلاقاً من حزبيين لا يتقنون سوى فنون التهديد والتقتيل وسرقة المال العام...لم نسمع يوماً من تمَّام سلام وأمثاله من أبناء العائلات السياسية قد قالوا قولاً فيه إساءةً للوطن والدولة وتحريضاً يدفع الناس إلى قتال بعضهم البعض تحت لافتات التمذهب البغيض والإختلافات السياسية المفظية إلى ممارسات قهرية وعُنفيَّة جعلت من لبنان مناطق معزولةٍ عن بعضها البعض ، ومن اللبنانيين شِيَعاً وأحزاباً تقتات من لحم بعضها البعض...بعد كل هذه الأثمان المدفوعة والتضحيات الجِسام تؤكِّد أحزاب الطبقة السياسية الجديدة أنها فشلت وأنَّ الحلَّ بيد من تربَّى على قِيَمٍ وطنيِّةٍ ومؤسَّساتية لا تؤمن بأيِّ سقفٍ يعلو فوق سقف الدولة