لماذا لا تلتحق بالثورة يا أبي ؟ ولا تخرج شاهراً سيفك الصدأ..أو تصرخ مع الصارخين في الميادين والساحات الشعب يريد إسقاط النظام قبل الثورة يا أبي كان الخوف يأكل ممَّا تبقَّى في جثَّتك من عظام والرعب حارس السلطان على النوافذ والبيوت..وكنت تجد حرجاً في الخروج مرَّة ثانية مخافة أن أُقتل ويُستباح شرف أختي الصغيرة وتُعلَّق أمي بيديها على ضفَّافة الجزَّارين...يا أبي الثورة تناديك فلا تحرجها أو تخرجها من ديارك..تعال يا أبي لنلعب على الإنترنت ألعاباً جديدة فيها نصطاد العابثين والماكرين والظالمين...اللعبة يا أبي تربحك وتجعلك بطلاً منتصراً على الأعداء بعكس ألعابكم القديمة فيها يموت البطل وينتصر الظالم....يا أبي لا تنحصر الثورة بحمل السلاح وإراقة الدماء ولا بالخطب والشعارات والبيانات ولا بقطع الطرقات وإقفال المؤسَّسات...يا أبي الثورة وقبل كلِّ شيء هي أن يثور المرء على نفسه ويغيِّر ما بها من خوفٍ وجبنٍ...والثورة يا أبي هي طاقة جبارة بها يقهر القوي المبطل وبها يستطيع أن يفعل أشياء أفضل من القتل والدم والتهجير والتدمير والإذلال...بهذه الثورة نستطيع أن نحلَّ مشاكلنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية..بالثقة بالنفس والإيمان بالله على أنَّه مع الثائرين على الفقر والجهل والناقمين على كل فساد والمكافحين ضد الإقطاع والمحتكرين والرجعية....بهذا الإيمان نستطيع أن ننتصر ونتغلَّب على كل من يريد بنا الفشل والموت والقتل والتخلف.....وصدق الله تعالى حيث قال" إنَّ الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم"....فالذين يرضون بالفقر والمذلَّة ويستسلمون للهوان ولا يعملون ويجاهدون في سبيل حياة الإنسان فهؤلاء لا يؤمنون بالله وإن بسملوا وحوقلوا وصلَّوا وصاموا وحجَّوا واعتمروا....إنَّ الله لا يُغيِّر ما بنا من فقرٍ حتى نعتقد أن الفقر من الأرض لا من السماء ونكافح كل من يستغلَّ ويحتكر أموال الناس ونعمل على تقدُّم الزراعة والصناعة والتجارة وإنَّ الله لا يُغيِّر ما بنا جهل حتى نقدم على العلم والتعلم وإنَّ الله لا يُغيِّر ما بنا من ظلم حتى نثور على الظالم المستبد دينياً وسياسياً..والله لا يُغيِّر ما بنا من شتات وتفريق حتى نترك كلمة هذا سني وهذا شيعي....وحتى نزيل كل الحواجز والحدود بين الأفراد والفئات وبين أقطارنا العربية وتكون بلادنا واحدة كلغتنا وعلمنا واحد كتراثنا ورئيسنا واحد ككفاحنا.....إننا يا أبي ننتظر هذا اليوم الذي يذهب به الخداع والمؤامرات ويبقى الشعب وما يريد وتبقى الحرية والعدالة "أمَّا الزبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع الناس فيمكتُ في الأرض"...يا أبي إنَّ ثورة قدرنا سيتجيب يوماً إذا صدقت عزائمنا وصلحت نوايانا وعرفنا كيف نختار القائد الصالح الذي يعمل بوحي من مصلحة بلده ووطنه..أمَّا إذا فسدت ضمائرنا وائتمنا الخائن ليملأ منا جيباً أو يعيِّن لنا قريباً فنبقى وحدنا المسؤولون إذا لم يغيِّر الله بنا من ضعفٍ وانحطاط......الشيخ عباس حايك