علينا أن نتعلم من الشعوب الحيّة أن لا ننام على ضيم وأن لا نسكت عن حق وإلاً كنا شهود زور على قضايا مصيرية مرتبطة بحضورنا ووجودنا
 

رفض الفريق الأرجنتيني اللعب مع الفريق الاسرائيلي على ملعب القدس تأييداً منه للحقوق الفلسطينية ورفضاً لقرار ترمب المهوّد للقدس والتزاماً منه بالقضية الفلسطينية التي ناصرتها الأرجنتين ووقفت طويلاً الى جانب منظمة التحرير الفلسطينية في كفاح مقاومتها لاسترداد الأرض المحتلة.


ليس سهلاً أن يتخذ الفريق الأرجنتيني موقفاً بهذا الحجم خاصة و أن هناك أعباء ستُدفع لذهاب اسرائيل باتجاه مقاضاة الفريق من خلال شكوى عاجلة لرئاسة لعبة كرة القدم وليس من السهل استخدام لعبة كرة القدم في مسائل سياسية باعتبار اللعبة خارج ساحات الاختلاف بين الدول و إن تمّ توظيف الرياضة في أمور سياسية في كثير من الأحيان ولكن ما علاقة الفريق الأرجنتيني البعيد كل البعد عن جبهة الصراع مع العدو؟ اذ أن العرب والمسلمين هم في غفلة عما يحصل على أرض فلسطين حتى أن الفلسطينيين أنفسهم أمسوا بعيدين عن حدود العدو لاشتغالهم بهموم السلطة فيما خص المسؤولين في منظمة التحرير أو في حركة حماس وأن كثيراً من الفلسطينيين باتوا أسارى البحث عن رغيف عيشهم المفقود في أرض غير ذي زرع نتيجة الفساد الفلسطيني الرسمي وما تبقى من قلّة فلسطينية مازالت تشيع بعضها البعض في مواجهة يومية مع العدو دون أفق عملي بل ضمن دائرة من الاستنزاف لجيل جديد من الشباب الفلسطيني.


موقف الأرجنتين هذا علامة مضيئة في سماء فلسطين وله أكثر من أثر معنوي وهو يحث غيارى العرب على اتخاذ ولو موقف واحد مشابه لموقف الفريق الأرجنتيني بخصوص فلسطين أو بخصوص سورية كونها فلسطين الثانية من حيث أنها نكبة ثانية لا تقل أهمية عن النكبة  الأولى.

 

إقرأ أيضًا: حكومة شاكيرا...

 


ماذا لو قاطع العرب مونديال 2018 اعتراضاً على دور روسيا في سورية؟ والتي فعلت أكثر مما فعل العدو والمحتل، ففي عام واحد دمرت روسيا سورية وجعلتها أنقاضاً فوق أنقاض ويتباهى الروس أنهم استخدموا في سورية أسلحة جديدة بغية تعزيز تسويقها في العالم وقد ازدادت مبيعات الأسلحة الروسية أضعافاً بعد أن تمّ تجربتها في سورية وهذا ما جاء على أكثر من لسان مسؤول روسي.


هل يجرؤ العرب والمسلمون على أخذ موقف كموقف الفريق الأرجنتيني؟ تيمناً به واعتزازاً وافتخاراً به أيضاً كونه يعكس موقفاً من الظلم والطغيان أياً كان اسمه أم أن العرب والمسلمين أعجز من ذلك وسوق اللعبة يدر أموالاً على تجار السياسة. بالتأكيد نحن أمام فراغ في المسؤولية فلا أحد يتطلع الى ما يجري بعين المسؤولية بقدر ما ينظر الى مصالح ضيقة لا تفيد الأمّة بقدر ما تفيد من بيدهم الأمر من نخب سلطوية تفعل كل شيء لحماية سلطتها فقط وغير ذلك لا يعنيها وإن كان مقدساً كقداسة القدس.


علينا أن نتعلم من الشعوب الحيّة أن لا ننام على  ضيم وأن لا نسكت عن حق وإلاً كنا شهود زور على قضايا مصيرية مرتبطة بحضورنا ووجودنا وهي تبرد و تسخن على ضوء تفاعلنا معها وارتباطنا بها. لقد ضعفت فلسطين وبات حالها محزن ومفجع فلا من مغيث ولا من مستمع سوى بعض الاستعراضات العنترية لقوى بينها وبين فلسطين مسافات أبعد بكثير من المسافة الفاصلة ما بين السماء والأرض ومع ذلك تصرّ على فلسطين في الخطب الجماهيرية وتقاتل في جبهات بعيدة عن الجبهة الوحيدة الخالية من كل المقاتلين الذين يدعون الى القتال لدحر العدو ورميه في البحر كطائراته التي تُرمي يومياً في أعماق البحار على ألسنة الثوار الجُدُد .