لا عجب أن يتصدّر حملة عزل القوات رموز الفساد في التيار الوطني الحر
 

وإذا قيل لهم لا تُفسدوا في الأرض، قالوا إنّما نحن مصلحون، ألا إنّهم هُمُ المفسدون ولكن لا يشعرون (سورة البقرة آية 10-11) .
والفرقُ الشاسع بين المفسدين الذين خاطبهم القرآن الكريم، والذين يحسبون أنفسهم مصلحين ولكن لا يشعرون، والمفسدين الذين يتربعون على كراسي الحكم في لبنان، أنّهم يعرفون النعم التي يجنونها من الفساد، ويشعرون بذلك ويغرقون في ملذّاته، لذا نراهم اليوم، وعلى أبواب التأليف الحكومي، وقد تصاعد لُهاثُهم وراء الحقائب الحكومية، وانفتاح شهية من كان حتى الأمس، زاهداً في الحكم والسلطان، منصرفاً للجهاد، مُتحلّياً بالزهد والتّقشُف، وقد تجلببوا جميعاً في جلباب الإصلاح ومكافحة الفساد.

إقرأ أيضًا: حربُ الإلغاء الثانية بين القوات والتيار العوني .. فإنّ الحرب أولُها الكلامُ

 

واللبنانيون الذين ضاقوا ذرعاً بالفساد والمفسدين، عليهم أن يُصدّقوا ويؤمنوا بأنّ حُكّامهم (الذين أعادتهم صناديق الاقتراع إلى الحكم) والذين ضربوا أرقاماً قياسية في جني الثروات لقاء عمليات الفساد وصرف النّفوذ، واستباحة الأملاك العامة، سيُشمّرون غداة تأليف الحكومة عن سواعد الجدّ والصلاح والتقوى، وسيعملون ليل نهار، وبعزيمةٍ لا تكلُّ ولا تمل، على وقف الهدر في المالية العامة، مع ضبط عمليات التهرب الجمركي والضريبي، وتفعيل عمل المؤسسات الرقابية، وإصلاح شؤون القضاء، وإلغاء القوانين التي شرّعت نهب المال العام والأملاك البحرية والبرّية، عليهم أن يُصدّقوا كل ذلك، في حين ما زال رموز الفساد يتصدّرون الشأن العام ومفاصل الحكم والحكومة. عليهم أن يؤمنوا بكل ذلك، رغم المحاولات الحثيثة لتحجيم القوات اللبنانية ومنعها من الحصول على المقاعد النيابية التي تتوافق مع تمثيلها النيابي، ولا عجب أن يتصدّر حملة عزل القوات رموز الفساد في التيار "الوطني الحر"، فقد كان وزراء القوات هم من أقضّوا مضاجع الصفقات المشبوهة، وكانوا حملة تيار الإصلاح والشفافية وانتظام عمل المؤسسات، خاصةً الرقابية منها، ممّا ترك في نفوس المواطنين وضمائرهم ارتياحاً عاماً، وبدل مُكافأتهم والترحيب بهم، يعمُدُ المُفسدون-المُصلحون على معاقبتهم والاقتصاص منهم، وهم على ما يبدو سيُفلحون، ذلك أنّه وكما جرت العادة (في بلادنا وفيها فقط) للحقّ جولة وللباطل جولات، أو كما قال الإمام عليُّ بن أبي طالب ذات يوم: لئن انتصر الباطلُ فقديماً فعل، ولئن انتصر الحقُّ فعسى ولعلّ.
أُمنياتٌ في أحضان الرجاء والتّمنّي.