كوريا الشمالية هددت الولايات المتحدة بالهجوم النووي ثم أعلنت عن استعدادها للحوار على عكس إيران
 

من سخرية القدر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقود سياستين متناقضتين في نفس الوقت. 
فهو يتخذ سياسة الحوار مع كوريا الشمالية لإقناعها بفك منشآتها النووية بعدما أكملت الأخيرة مشوارها النووي مؤخرًا واختبرت أحدث صواريخها النووية وفي المقابل اتخذ سياسة القبضة الحديدية في مواجهة إيران التي خضعت لإرادة المجتمع الدولي وخففت أنشطتها النووية وفتحت أبواب منشآتها للتفتيش و نفذت جميع تعهداتها طيلة 15 شهرًا، إلا أن الرئيس ترامب يكره سلفه باراك أوباما وجميع ما قام به من المبادرات داخليًا ودوليًا ومنها الإتفاق النووي بين إيران والدول الست ولهذا يحاول ترامب أن ينتقم من أوباما عبر إلغاء ذاك الإتفاق. 

إقرأ أيضًا: تحجيم الدور الإيراني ثمن بقاء ترامب في الإتفاق النووي
وبينما تقتدي كوريا الشمالية على ما يبدو بإيران في إنسحابها عن الجبهة النووية إلا أن إيران أيضًا ربما وصلت إلى القناعة بأنها أخطأت عندما أجهضت مشروعها النووي قبل إكمال مدة الحمل أي قبل الحصول على القنبلة النووية، وهذا بالرغم من أن هناك أسباب شرعية لتجنب إيران إنتاج القنبلة النووية ولكن هناك مبدأ شرعي آخر يفيد بأن الضرورات تبيح المحظورات، وبمعنى آخر عند ما تتطلب الضرورة أي ردع العدو الذي لا يكتفي بأي مستوى من التنازلات لديك ويريد الابتزاز متذرعا بحجج واهية فإن عليك أن تلتجأ الى أساليب أخرى لردعه وإلزامه إلى تحكيم لغة العقل ويبدو أن كوريا الشمالية كانت أنجح عندما تقدمت الى أبعد الحدود في مجال انتاج القنابل النووية وبعد الوصول إلى قمة الجبل هددت الولايات المتحدة بالهجوم النووي ثم أعلنت عن استعدادها للحوار وهي قوة نووية عسكرية خلافا لإيران التي اكتفت بالأنشطة السلمية ويشهد الجميع على سلمية أنشطتها ومن بينهم وزير الخارجية الأميركي الجديد بومبيو الذي أكد على أن إيران لم تكن تتجه إلى إنتاج السلاح النووي حتى قبل توقيع الإتفاق النووي.

إقرأ أيضًا: من يدفع ثمن خرق الإتفاق النووي؟
 ستدخل الولايات المتحدة في المفاوضات مع كوريا الشمالية متزامنًا مع خروجها المرتقب من الإتفاق النووي وبينما يميل السياسيون الحكوميون إلى البقاء في الإتفاق النووي إلا أن العسكر حريصون على الخروج منه بحال خروج الولايات المتحدة واستئناف التخصيب غير الملتزم بسقف العشرين في المائة مما لا يحمد عقباه دوليًا. 
الرئيس ترامب ترك لحد الآن سابقة سيئة تبرر عدم ثقة النظام الإيراني بأميركا أيًا يكن قراره النهائي في منتصف الشهر القادم: البقاء في أو الخروج من الإتفاق النووي. 
خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يجعل كوريا الشمالية تشك في جدوى المفاوضات مع أميركا بعد نقضها تعهداتها في الإتفاق النووي ولكن لا شك في أنه يحول الحصول على السلاح النووي إلى مطلب شعبي في إيران والفتوى الشرعية بحظر إنتاج السلاح النووي التي أصدرها  المراجع الدينيون ومنهم المرشد الأعلى له مفاعيل محددة في فترة السلم وأما للحرب حسابات أخرى لن تسلم منها ولن تستثنى عنها حليفة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أي إسرائيل.