بعد تخفيض الموازنة بنسبة 20%، باتت خدمة الفقراء والمحتاجين والمسنين والمعوّقين مستحيلة
 

كعادتها الدولة اللبنانية عاجزة وسط أزمة هدر لا تُحتمل نتيجة أخطاءها المتراكمة، وآخرها تخفيض نسبة موازنات الوزارات في الحكومة إلى 20%، وتوحيد النسبة بين كل الوزارات، ما يُعد خطيئة لا يمكن السكوت عنها.
وفي هذا السياق، إستكملت اللجنة الوزارية يوم أمس الخميس دراسة مشروع قانون موازنة 2018، وعقدت اجتماعًا برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني في السراي الحكومي، حضره الوزراء: علي حسن خليل، محمد فنيش، مروان حمادة، أواديس كدنيان، رائد خوري، يوسف فنيانوس، ميشال فرعون، وبيار أبي عاصي والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
وقررت إثر الإجتماع تخفيض موازنات الوزارات بنسبة 20%، بهدف مواجهة الهدر والعجز الذي بلغ حوالي8  مليارات دولار، وتبين أنه سيبلغ 12000 مليار ليرة، كما ورد في النسخة التي رفعها وزير المال علي حسن خليل إلى مجلس الوزراء.
وبعد الإجتماع قال الوزير خليل: "ليس هناك جديد عن ما جرى في اجتماع الأمس، استكملنا درس موازنات الوزارات على نفس القاعدة من حيث الإصرار على التخفيض، وفي الوقت ذاته نعيد النظر في المواد التي أُقرت سابقًا لكي نجري تقديرًا لوارداتها والتخفيض الممكن الوصول اليه، وسنستكمل البحث يوم الإثنين المقبل".
وعما اذا تم تخفيض موازنات وزارتي التربية والشؤون الإجتماعية، أجاب: "كما كل الوزارات، ما يمكن تخفيضه خفضناه، والذي لا يمكن تخفيضه لم يخفض".
وكانت مهمة اللجنة الوزارية المُكلفة، بحث مشروع الموازنة، وبحث أرقام الوزارات بالتفصيل وكيفية خفض أرقام الإنفاق بنسبة عشرين في المائة على كل الوزارات، لا سيما الوزارات الأساسية: الأشغال العامة، الصحة، التربية، والشؤون الإجتماعية.
ويُشكل فرض 20 % على كل الوزارات مُعضلة أساسية كون كل وزارة تختلف عن الأخرى حسب عملها وإحتياجاتها، الأمر الذي أدى إلى إعتراض بعض الوزراء على خفض موازنتهم، وأكدوا أنهم سيطلبون زيادة، لاسيما وزارة الصحة التي يقول وزيرها غسان حاصباني أنه بحاجة هذه السنة إلى زيادة 75 مليار ليرة للإستشفاء والدواء.
وبدوره، عبّر وزير التربية والتعليم مروان حمادة عن استيائه من البحث في خفض موازنة وزارته، وقال "لن أقبل بتخفيض موازنة وزارة التربية "ولا قرش".
أما على صعيد وزارة الأشغال، قال وزيرها يوسف فنيانوس نقلاً عن صحيفة "اللواء"، "أنه إذا أصر رئيس الحكومة على خفض موازنة الوزارة سأضطر إلى خفضها لكن لا يطلب أحد مني القيام بمشاريع تأهيل وتنمية واصلاح البنى التحتية في كثير من المناطق". مشيرًا إلى أن "لدى الوزراة مداخيل من المرفأ والمطار لكنها تذهب على المشاريع، وأي تخفيض أو اقتطاع من مال الوزارة لسد عجز الكهرباء يعني تراجع المشاريع".

واحتجاجًا على خفض موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية، نفذ الإتحاد الوطني للأشخاص المعوّقين يوم أمس الخميس، إعتصامًا على طريق القصر الجمهوري في بعبدا بحضور وزير الشؤون الإجتماعية بيار بو عاصي، ويمثل الإتحاد حوالى 100 مؤسسة إجتماعية من كافة المناطق اللبنانية، وطالب بعدم تخفيض موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية، كما وطالب بتطبيق سعر الكلفة لكل مستفيد، والمنجز في العام 2012 وغير المطبق حتى تاريخه، إذ لا يزال المستفيدون يتقاضون على أساس سعر كلفة العام 2011،  مشدداً على "وجوب تحقيق تلك المطالب التي تمس حياة المعوقين واستمرارية المؤسسات الرعائية في تقديم خدماتها لهم، وإلا فإن الإتحاد وما ينضوي تحته من جمعيات ومؤسسات سوف يلجأ إلى الإعتصام والإضراب المفتوح إلى حين تحقيق تلك المطالب المحقة".  

وتُشكل موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية 1 % فقط من الموازنة العامة، وفي حال تم تخفيض موازنتها نسبة 20% فإن مصير المعقوقين وذوي الإحتياجات الخاصة بات في خطر، إذ سيؤدي التخفيض إلى ضرب عمل الجمعيات والمؤسسات الرعائية، وأغلب هذه المؤسسات بحاجة ماسة إلى المساعدة، إذ أن "85% من موازنة وزارة الشؤون يتجه للمساعدات والباقي هو للإيجارات، على عكس بعض الوزارات" كما قال الوزير بو عاصي، الذي أكد أثناء الإعتصام، أنه سيضع في جلسة مجلس الوزراء قلبه وعقله على طاولة المجلس.
ومن ناحية أخرى، تستفيد حوالي 90 جمعية خيرية بينهم 70 مستوصفًا و300 مؤسسة رعائية بين معوقين وأيتام ومسنين ومشردين، من التقديمات، ما يعني أن خدمة الفقراء والمحتاجين والمسنين والمعوقين باتت مستحيلة بعد تخفيض الموازنة.

وأخيرًا، في الوقت الذي تُشير فيه مصادر حكومية، أن "اقتطاع نسبة العشرين في المئة من موازنات الوزارات لن يطال الا القطاعات التي تعاني من الهدر، وتلك غير الأساسية ولا الضرورية لحياة المواطنين"، إلا أن الهدر والعجز يتفاقمان في كيان الدولة، وهذا ما يستدعي ضرورة التوصل إلى آلية توقف الهدر في الوزارات لكن لا تضر بالمستفيدين، وذلك عبر وضع "خطّة اقتصادية متوسطة وطويلة المدى، ما يعني أن الأفق المتاح أمام اللجنة يقتصر على نقاش سياسي بين حصّة هذه الوزارة وتلك" كما لفتت صحيفة الأخبار، مضيفةً إن "اعتمادات الموازنة تتوزّع بين ثلاثة أقسام هي الرواتب والأجور وملحقاتها، كلفة دعم الكهرباء، وخدمة الدين العام، والعبرة إذا في كيفية تنفيذ الخفض وأيّ أبواب سيطال".