لقد بدأ باسيل من جبل محسن أولى معارك التيّار مع الحلفاء وهذا ما يؤشر إلى سخونة المعركة الإنتخابية
 

زيارة وزير الخارجية لجبل محسن في الشمال ليست وليدة حسابات إنتخابية فقط بالقدر الذي تعيد فيه ما بدأه في سورية من إعادة ترتيب وتنظيم العلاقة مع النظام إيماناً من الكثيرين بوضع الحرب في سورية أوزارها بعد أن انتصر النظام بحلفائه الذين يشكلون غالبية سياسية يريدون تكريس هذا الإنتصار السوري على الساحة اللبنانية للإستمتاع به ضدّ من طرد الأسد من قوى كانت قوية ووازنة والآن ذهب ريحها بعد أن تصدّعت جبهة 14 آذار وتفرّق شمل أطرافها الأقوياء.
نجح جبران باسيل في صعود جبل محسن وبغض النظر عن  وجود علويين معترضين على الزيارة لأسباب مخلّة بوعود سابقة كونها سابقة لم يسبقه اليها أحد من أقرانه رهاناً على ضم النيابة العلوية إلى كتلة التيّار لتصبح كتلة مستوعبة  لكل المكونات الطائفية من جهة ولكل الجهات ذات الرؤية الواحدة من جهة ثانية وهذا ما سيمنح التيار الحرّ أغلبية نيابية مسيطرة بعددها وبتنوعها على المشهد النيابي وعلى كرسي الرئاسة التي تحتاج إلى هذا البعد الوطني من خلال التنوع الطائفي داخل كتلة الرئيس وهذا ديدن كبار اللاعبين السياسيين في لبنان ومن هنا يحاول باسيل تكرار تجربة الآباء في إدارة الحكم.

إقرأ أيضًا: أين حكمة الحكيم؟
لا شك بأن خصوم وزير الخارجية هم من الحلفاء كونه يحاول ربح المقعد العلوي بالمجان في حين أن هناك من هو أحق بالحضور النيابي العلوي تحت سقف الكتلة الأقرب طائفياً وسياسياً والألصق بالمسألة السورية في حدودي النظام في سورية والطائفة العلوية في لبنان وبالتالي يرشح عن هذا التسابق لصوت علوي خللاً ما في العلاقة بين حلفاء أضداد في الحسابات السياسية اللبنانية رغم محاولات البعض لترميم هذه العلاقة بأي مادة ممكنة من مواد الترميم.
لقد بدأ باسيل من جبل محسن أولى معارك التيّار مع الحلفاء وهذا ما يؤشر إلى سخونة المعركة الإنتخابية وقد تكون هذه المرّة من أصعبها إذ لم تعد حسابات الحقل موافقة لحسابات البيدر فثمة خوف لا على زعماء الطوائف وإنما الخوف على حجم الكتل النيابية التابعة لهذا الزعيم أو ذاك من هنا كان خوف الحريري آتياً من الشمال وكان خوف الرئيس نبيه بري آتياً من استبدال حلفائه في الطوائف الأخرى بأشخاص غير مقربين منه وقد تكون المعركة عليهم لئيمة جداً خاصة و أن بعضهم من الواصلين إلى قصر الرئاسة إذا ما تغيرت أحجام و أوزان الكتل النيابية.

إقرأ أيضًا: بحصة الحريري... قوّات أو كتائب أو حزب الله؟
وحده وزير الخارجية يبدو متحمساً للانتخابات النيابية لحراكه المستمر في لبنان وخارجه وبين المغتربين والقائمين وحثهم على المشاركة تحت وابل من مطر الخوف على لبنان وكأنه يخوض وحده معركة رئاسة الجمهورية من بوابة الإنتخابات النيابية باعتبار أن أحجام الكتل هي من تحدد مسبقاً هوية الرئيس  الخلف وهو يدخل مناطق حسّاسة كما دخل جبل محسن رغم ما يحيط ذلك من حساسيّات وحسابات عالية السخونة سواء ما هو متصل بالداخل اللبناني أو بما هو مرتبط بما وراء الحدود اللبنانية – السورية.
من هنا لا يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية لجبل محسن زيارة عادية وعدم التأسيس عليها من حيث الموافقين لها والمتوافقين عليها أو من خلال المعارضين لها والمعترضين عليها ولا يمكن قطعها عن سياقها العربي في ظل حسابات عربية مأزومة  لبنانياً وغير محسومة حتى الآن بين كل القوى والأطراف المحلية وهذا ما يدل على أن شبكات التحالف الداخلية غير محسومة وثمّة خلط لأوراق اللعبة البرلمانية ما دامت الحسابات الإنتخابية حسابات سياسية أكثرها غير محلية ومتعلقة بحسابات خارجية.