لا يمكن تجاهل حقيقة أن هناك عدو داعشي مشترك للسعودية وإيران
 

لفت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أنظار العالم بوعده بعودة المملكة العربية السعودية إلى الإسلام المعتدل الوسطي المنفتح على العالم. 
وعلل بن سلمان تورط المملكة في مستنقع التطرف بالأجواء السياسية الناتجة عن إنتصار الثورة الإيرانية في 1979 وكأن تلك الثورة سببت جميع المشاكل والأزمات في الشرق الاوسط. 
بطبيعة الحال عودة المملكة إلى الإعتدال والوسطية يبشر بخير لها وللجميع ولكن هناك حاجة ملحة إلى قراءة دقيقة وموضوعية لأسباب التطرف والإرهاب في المنطقة تتسم بالإنصاف، ذلك لأن أزمة العرب مع الكيان الصهيوني كانت سابقة على الثورة الإيرانية بثلاثين عامًا على أقل التقادير ولا يمكن إعفاء هذا الكيان العنصري المحتل من مسؤوليته تجاه جميع المجازر التي إرتكبها وتسببه للكثير من التوترات في المنطقة وليس خافيًا أن إيران وقفت بجانب العرب في دعم الفلسطينيين والخلاف بين إيران والسعودية في هدا المجال كان شكليا وليس في المضمون. 

إقرأ أيضًا: إيران بين نظام الذمة ونظام المواطنة
ثم لا يمكن تجاهل القضية الأفغانية التي خلقها الإتحاد السوفياتي وتوافد المقاتلين المسلمين من جميع أنحاء العالم الاسلامي والعربي إلى باكستان وأفغانستان وتكوين الأفغان العرب أيديولوجيا الجهاد التي ساندتها الولايات المتحدة والمملكة السعودية وإيران مما يعني وقوف إيران والسعودية وأمريكا في معسكر واحد تجاه السوفياتي المحتل. ولكن تحول أيديولوجيا الجهاد مع الأجنبي المحتل الكافر السوفياتي إلى جهاد الأنظمة العربية وعلى رأسها المملكة السعودية كان خارجًا عن إرادة وسيطرة الجميع وبل يمكن القول بأن فكرة جاهلية الأنظمة والمجتمعات المسماة بالإسلامية إنطلقت منذ الأربعينات والخمسينات في مصر وتم تأجيل تفعيلها إلى ما بعد إنسحاب الروس من أفغانستان بعد تعليقها بشكل مؤقت خلال فترة الإحتلال. 
ثالثًا لا يمكن تجاهل حرب الخليج الثانية وما أعقبها من إحتلال الكويت وتدخل الولايات المتحدة في تحرير الكويت ونشر قواتها على الأراضي السعودية بدعوة من المملكة التي كانت مهددة من قبل صدام حسين. 

إقرأ أيضًا: مصادر معلومات ترامب في خطابه الأخير عن إيران
في تلك المحطة أدت إيران دورًا إيجابيًا للغاية حيث إحتضنت المواطنين الكويتيين الهاربين إلى إيران ولم تلبي دعوة العراق بالوقوف معها في وجه القوات الأميركية وهكذا نشاهد تنسيقًا تامًا بين إيران والسعودية في القضية الفلسطينية والقضية الأفغانية وغزو الكويت. 
نعم هناك خلافات بينهما وصلت إلى ذروتها في السنوات الأخيرة على دعم الثورات العربية وبينما دعمت إيران الإخوان المسلمين في مصر والثورة المصرية، وقفت السعودية بجانب الإخوان المسلمين السوريين وثورتهم ضد نظام الأسد، كما أن هناك مواجهة بين البلدين في اليمن.
وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل حقيقة أن هناك عدو داعشي مشترك للسعودية وإيران فتحميل المسؤولية الحصرية للتطرف لإيران أو السعودية يفتقد إلى الموضوعية والدقة ولا طائل من ورائه.
إن النظام السعودي مهدد من قبل السلفية الجهادية التي ليس لها صلة مع إيران ولا مع التشيع فالعودة إلى الإعتدال تستدعي إعادة نظر في النظام التعليمي لإنقاذ التدين من التوحش وليس إسقاط المسؤولية على الآخرين.