هل إنتهى دور الأحزاب السورية بعد أن إنتهى دور النظام السوري المؤثر والمُلزم سابقًا لأمل وحزب الله؟
 

عتب قوميون على حزب المقاومة لعدم تدخله في حكم القضاء اللبناني بمنفذيّ حكم الإعدام بحق بشير الجميل والقاضي بإعدامهما شنقًا ولعدم تفاعله مع حكم الإعدام رغم إتصال القوميين بالمعنيين في الحزب لإتخاذ ما من شأنه تعطيل مفاعيل الحكم ولكن لم يتجاوب أحد من المعنيين مع القوميين الذين أثاروا موجة من الغضب السوري تنديدًا منهم بالقرار الجائر بحق مناضليين سوريين لم يرتكبا جريمة بالقدر الذي حاكما فيه رئيسًا جاء بفعل الإحتلال الإسرائيلي.
هكذا يفهم السوريون القوميون العملية الناجحة ضدّ قائد القوّات والتي غيّرت كثيرًا من دور لبنان ونقلته من طبيعة دور منسجم مع العدو إلى طبيعة أخرى منافية لما جاء به الإحتلال الإسرئيلي من ترتيبات سياسية أو أمنية وهنا كان عتب القوميين على المقاومين الذين وقفوا حيادًا ومتفرجين على حكم طال مقاوميين من الأمّة السورية.

إقرأ أيضًا: بصقوا وبصموا وشعب المقاومة والسيادة مبسوط
حسنًا فعل حزب الله في تفرجه وعدم تدخله لا قضائيًا ولا سياسيًا حتى لا يفتح كوّة جديدة في الجدار الخلافي مع مسيحيي بشير الجميل الذي يُجمع المسيحيون عليه ويختلفون على غيره من القيادات المسيحية الحيّة وإذا ما تدخل الحزب في هذا الموضوع فسيجد صفًا مسيحيًّا موحدًا ضدّه وحزب الله يتحاشى عداوة المسيحيين حتى لا يوصف أو ينعت بنعوت مشابهة لنعوت وصفات الإسلاميين المتطرفين ويخسر بذلك الصورة التي أرادها نظيفة من سمات التطرف وهذا ما يبقيها لامعة في الخارج حيث يعطي المسيحيون إنطباعًا إيجابيًا يحتاجه حزب الله خاصة في هذه المرحلة التي يسوّق لها الأمريكيون للنيل من حزب الله والطعن بصورته البريئة من الإرهاب.

في العودة إلى الحكم ثمّة راحة مسيحية من الدولة التي أنصفتهم بواسطة القضاء الذي حكم وفق معايير قضائية لا وفق رغبات سياسية وهذا ما عكسه المسيحيون في خطاباتهم أمس وفي تواجدهم الشعبي في الأشرفية إحتفالًا بنُصرة القضية التي مات من أجلها الرمز المسيحي الذي لا يموت فيهم الشيخ بشير الجميل وهذا ما سيدفع بهم إلى إستكمال موضوع تنفيذ الحكم وهذا ما سيجدّد من الخلاف مع الحزب القومي الذي وقف عاجزًا أمس أمام الحكم القضائي عاتبًا على من يستطع أن يفعل له شيئًا في هذه الأزمة القضائية والتي وضعته وجهًا لوجه أمام العدالة في ظل سلطة ممسوكة جيدًا من قبل فريق المقاومة والممانعة ولن تسعفه هذه المرّة المرجعية السورية إذ أنها أضعف من أن تفرض على أحد من الحلفاء القيام بأمر اليوم وباتت أسيرة مواقف هذه القوى التي حمتها حتى اللحظة ومكنتها من الصمود ومن السقوط.

إقرأ أيضًا: الطقس السياسي غائم عند المستقبل ممطر عند حزب الله
لن يغير أحد من الحكم ولكن العبرة تبقى في التنفيذ وفي العلاقة السياسية بين القوميين وبين المسيحيين خاصة وأن الحزب القومي جزءًا من السلطة فكيف سيبقى فيها وقد حكم عليه بالإعدام نتيجة لقتل رئيس للجمهورية؟ سؤال سياسي سيعكس نفسه وبقوّة داخل الحكومة وسيكون له أثر بالغ في الإنتخابات النيابية فهل سيتخلى حزب المقاومة عن القومي إنتحابيًا كما تخلى عنه سياسيًا؟ وهل إنتهى دور الأحزاب السورية بعد أن إنتهى دور النظام السوري المؤثر والمُلزم سابقًا لأمل وحزب الله؟ أسئلة كثيرة مشروعة على ضوء تمرير حكم الإعدام في قضية خلافية وثمّة إجابات متوفرة وأخرى غير متوفرة لكنها ليست ببعيدة عن ما هو متوفر في السوق السياسي المحلي المحكوم لضرورات تبيح المحظورات ومهما قرُبت من المُحرمات.