النظام السوري لا يتبع هذه الأصول وبالتالي سيتعاطى معهم إذا كانوا معارضة سورية تماماً كما هو تعاطيه المشهور سواء في البراميل أو في القتل الجماعي
 

كشف داعش عن العلاقة المتعددة الأطراف في الوسط السوري بشكل بارز من خلال المفاوضات التي تمّت بين التنظيم وحزب الله والتي سهلت خروج التنظيم من موت محتوم وسمحت باتفاق يرعي مصالح التنظيمين وبشروط تكفل سلامة المنجز بينهما وهذا ما أثار حفيظة قوى السيادة في لبنان ودفعهم إلى إتهام الحزب بعلاقة أخوية أو تدبيرية مع التنظيم المسؤول عن خراب العالم .
ربما وجد المنتقدون للحزب سبباً كافياً لإطلاق نار الإتهام عليه من حيث التعاطي الإيجابي مع إرهاب يدّعي مُقاتلته في حين أن تجربة محور الممانعة في سورية قد أكّدت على حُسن الجوار والتعاطي التام مع الإرهاب الداعشي إذ لا قتال بين النظام وحلفائه وبين تنظيم دولة الخلافة والدليل الذي تبرزه جماعة السيادة هو الودّ القائم بين النظام السوري وبين التنظيم كما أن الطيران الروسي لم يصب مقتلاً من الوجود الداعشي وخاصة في الرقة الحاضنة الأساسية لخلافة الأمير البغدادي .

إقرأ أيضا : ترامب حائر بين امانو والسنوار
ما جرى في رأس بعلبك والقاع من صفقة أيقظ ألسن لبنانية كانت نائمة عن دور الحزب في سورية بعد أن فقدت ما لديها من أدنى تأثير سياسي ولاذت بالصمت إحتباساً منها لفرصة مؤاتية تحمسها على إخراج ما في صدور الكاظمين من غيظ وهنا وفر حزب الله مادة كبيرة إلتقطها السياديون من بقايا جماعة 14 آذار وحاولوا توظيفها على الطريقة اللبنانية بالتشكيك بدور حزب الله وبسلاحه الذي شرّعت وظيفته الحكومات المتعاقبة وخاصة الحكومات التي رأسها تيّار المستقبل وهو أكبر تيّار متمسك بالسيادة بكل محمولاتها الدستورية والسياسية .
هجم نوّاب وسياسيو تيّار المستقبل على حزب الله ونددوا بصفقة الحزب مع الإرهاب واعتبروها طعناً بدور الجيش الذي إستطاع أن يحرز تقدماً سريعاً و بأقل الخسائر ضدّ التظيم في رأس بعلبك والقاع والذي فرّ من أمامه ليسلم أمراؤه أنفسهم للنظام السوري وللحزب دون أن يسلموا أنفسهم للجيش اللبناني الذي سيسلمهم للقضاء وبالتالي ستكون هناك محاكمة وفق الأصول القانونية في حين أن النظام السوري لا يتبع هذه الأصول وبالتالي سيتعاطى معهم إذا كانوا معارضة سورية تماماً كما هو تعاطيه المشهور سواء في البراميل أو في القتل الجماعي .

إقرأ أيضا : ثلاثية المقاومة والجيش والشعب ... الدلال والغنجُ للمقاومة
لقد منح حزب الله الفرصة الذهبية لقوى متهمة من قبله ومن قبل النظام السوري في دعم الإرهاب في قلب الإتهام لصالح إتهام الحزب والنظام ولكن دون أن يكون هناك قدرة على فك التحالف القائم بين الحزب والتيّار من خلال الحكومة التي يرأسها الرئيس سعد الحريري لذا تمّ إستغلال منطقة ضعف حزب الله في الوسط السياسي المحلي وفي مدلولاته الإنتخابية وهذا ما أدّى إلى حشد الجميع من أهل السيادة في صف واحد بعد أن اختلفوا وتوزعوا كأعداء لبعضهم البعض من خلال دخول تيّار المستقبل والقوّات اللبنانية في محاصصة رئيسية مع حزب الله من خلال الحكومة ومن خلال تفاهمات كثيرة ومن بينها التفاهم على القانون الانتخابي .

إقرأ أيضا : النصر الذي نحتاجه
حتى الآن تسير قافلة داعش وفق طرق إنقسم اللبنانيون في إتجاهاتها وهذا ما أوجد ثرثرة سياسية وخطب متلاحقة كبيانات عسكرية متكررة أو كمناشير يومية لتوضيح الأخطاء الشائعة في صفقة إعتبرها الموافقون لها رُبحاُ كبيراً في حين أن المخالفين لها قد إعتبروها خسارة وسهماً مسموماً في قلب السيادة .
بين رأيين يصح القول بأن لبنان غير قابل للتعايش وفق رغبة السكين ولكنه يراوح تحت وطأة الضرورة السياسية لبقاء المؤسسات ولبقاء الجميع داخل ساحة الإنتفاع من السلطة .