عودة السفير القطري الى طهران يأتي في سياق التوتر القائم بين قطر وجيرانها الخليجيين إلا أنها تؤسس لعلاقات جدية مع طهران
 

أعادت قطر سفيرها إلى طهران بعد استدعائه قبل 20 شهرًا احتجاجًا على تعرض مبنى السفارة السعودية في طهران لهجوم الشبيحة المحتجين على إعدام الشيخ النمر، متضامنة مع بقية الأعضاء في مجلس تعاون دول الخليج العربية.

وبطبيعة الحال لم تتفاجأ إيران بإستدعاء قطر سفيرها آنذاك حيث إن قطر كانت مسيرة في الإلتزام بقرارات مجلس التعاون، كما عودة سفيرها إلى طهران، لم تفاجأ المملكة السعودية، لأن فرض الحصار على قطر من قبل أكبر دول المجلس لن يؤدي إلا إلى مثل هكذا قرار علمًا بأن قطر أعلنت بأن عودة سفيرها إلى طهران "تعبر عن تطلعات دولة قطر لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإيرانية في كافة المجالات" مما يعني بأن الطرفين مستعدان لفتح المجالات العسكرية والأمنية أمام البحث والتعاون.

إقرأ أيضًا: مقتدى الصدر يرفض عودة المالكي

وبالرغم من أن إيران لم تستعجل في جني ثمار الإنفصال المفاجئ بين قطر وأخواتها عبر إرسال قواتها العسكرية إلى قطر على غرار الأتراك، إلا أنها فتحت سماءها للقوات التركية والإمدادات الغذائية التركية نحو قطر، ولا ترى ضيرًا في رفع مستوى العلاقات مع قطر إلى التعاون الأمني والعسكري، فإنها أقرب جارة لقطر والمجال الوحيد لخرق الحصار عنها كما أثبتت تعاطفها ووفاءها للجارة الجنوبية الصغيرة التي كانت تمثل احدى أهم معاقل الفكر الوهابي في العالم، الفكر الذي ترى إيران فيه مصدرًا رئيسيًا للإرهاب ولكن إيران لديها قوة استيعابية هائلة تتمكن من جمع المتناقضات، كما تمكنت من خلق ودعم جماعة سنية متعصبة اسمها حركة حماس، التي لديها ايديولوجية طائفية تكن العداء للشيعة.

إقرأ أيضًا:  التفتيش: الخارطة الأميركية الجديدة للقضاء على الإتفاق النووي

نعود إلى قطر التي وعدت بتعزيز العلاقات مع إيران ونرى بأن المجال العسكري سيكون محورًا لتعزيز تلك العلاقات، وفي هذا المضمار ينبغي أن يُعطى لزيارة رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري إلى تركيا حقها، فإنها لم تهدف إلى ضرب حزب العمال الكردي أو العلاقات الثنائية العسكرية والأمنية، وصرح اللواء باقري لدى وصوله إلى انقرة بأن "تلك الزيارة هي الأولى من نوعها بعد فترة طويلة جدا" أي أكثر من عشرة أعوام تقريبًا، وحتى الأزمة السورية لم تستدعي تحقيق مثل تلك الزيارة بين الطرفين، إن تركيا بحاجة إلى إيران كجسر للعبور إلى قطر حيث لديها قاعدة عسكرية هناك، فليس من المستبعد إن يمتد التعاون الإيراني التركي إلى الأرضية القطرية. كما أن التحاق إيران إلى المحور الإيراني - الروسي - التركي سيشكل محورًا اقتصاديًا وتجاريًا قويًا نظرًا إلى أن الثلاثة من تلك الأربع أي قطر وإيران وروسيا يمتلكن نصف إحتياطي الغاز في العالم.

إن فرض الحصار على قطر كان خطأ استراتيجيًا لجيرانها العرب الخليجيين لن تمسحها تلك الدولة الصغيرة عن ذاكرتها وإن هذا الحصار سيترك تأثيره على أجيال قادمة.

إن إيران لن تترك أصدقاءها العرب وحيدين في مواجهة الأزمات، فكيف يورط العرب بعضهم البعض في أزمات؟!