هناك من كتب ويلات وطن وهناك من يكتب بإستمرار نهاية وطن ومع ذلك هناك من يقول الوطن باق والبلد ماشي .
 

يضاعف المعترضون من المستقلين المهمشين في لبنان من دعواتهم الملحة على ضرورة إجراء الانتخابات ورفض التمديد للمرة الثانية ويبذلون قصارى جهدهم للطعن في شرعية من لهم شرعية الشارع والتهوين ووضعهم في أقفاص الاتهام الدائم كونهم مذنبون بحق الوطن والمواطن .
ويخطب النواب كلما سنحت لهم فرص الكلام في المجلس لتأكيد ما يقوله المستقلون في فضائهم الغير مسموع وما يكتبونه في دفاترهم الغير مقروءة إسهاماً منهم في دفع الأزمة الى حيث تتيح للمتصيدين صيداً ثميناً لأن لبنان بُنيّ على الأزمات ولم يستقم على الإستقرار وهذا ما يفهمه العارفون به من أهل السياسة لذا تراهم يتحدثون دوماً عن ظروف صعبة وعن مرحلة خطرة وعن ضرورة التجاوب مع ما يخدم مصالحهم كي يتم تجاوز ما يمر به البلد من مخاطر وشرور .

إقرأ أيضا : هُزمت الأحزاب وفرح المستقلون
قبل الرئاسة كان البلد في مهب الريح وبعد الرئاسة البلد في قلب العاصفة وقبل التمديد النيابي الوطن يحتضر وبعد التمديد البلد يُنازع وقبل المقاومة البلد أسير الاحتلال وبعد المقاومة البلد في دائرة المؤامرة الدولية ومرهون لها وعدم وجود حكومة يعني البلد في فقر وبعد الحكومة  يعني البلد على شفير الهاوية وحكومة من جهة واحدة إنقاذ للبلد وعدم وجود حكومة ممثلة للشراكة الطائفية يعني نهاية البلد والمشاركة في الحرب السورية هي حماية للبنان وعدم المشاركة في الحرب السورية هي حفظ للبنان وهكذا يكاد أن لا يكون هناك ملف أو موضوع أو إستحقاق إلاّ وفي ذلك خوف وهاجس و أزمة من وقوع لبنان في المصير المجهول ففي الحلّ هناك أزمة وفي الإنفراج أيضاً هناك أزمة .

إقرأ أيضا : باسيل يتنمّر على الثنائية الشيعية في الشارع..القملة والبرغوث.
عندما جاء الطائف وأنهى الحرب الأهلية فرح اللبنانيون بنهاية الموت في وطنهم وبداية الحياة فيه ومن ثم جلب الطائف حروباً أخرى وإستحضر موته الخاص وكذلك كان الأمر مع الاحتلال الذي وضع البلاد والعباد في الحسابات الإسرائيلية ومع المقاومة وبعد زوال الاحتلال جاءت إحتلالات أخرى لكل شارع ومنطقة وصادرت كل شيء وبتنا أسارى حسابات ضيقة بحجم زاروب .

إقرأ أيضا : مشكل بين بعبدا وعين التينة
قتل من قتل أو استشهد من استشهد على أساس أن هناك خلاص للبنان من محنته وتبين أن لا خلاص للبنان فلا الموت منحه الحياة ولا الشهادة قدمت له ما يفقده من دور ومصير، ذهب عصر المارونية السياسية وجاء عصر الشراكة والناس يترحمون على تاريخهم الذي رجموه ومع ذلك يؤمن الموارنة بأنهم مغبونون والسنة بأنهم أقل غُبناً من الموارنة والشيعة محرومون وهم محسودون من بقيّة الطوائف والدروز مخدوشون في حقهم وكذلك حال باقي الطوائف .

إقرأ أيضا : خديعة التمديد
اذاً لا أحد في لبنان مطمئن على نفسه وكل الجهات تلطم خدها حسرة في بلد هو أشبه بالمأتم والأنكى من ذلك وجود أناس فقراء و بأعداد كبيرة مستعدة للموت دفاعاً عن مُفقريهم ووجود معترضين يعترضون لمصلحة المُعترض عليهم فلا أعرف لماذا يريد المعترضون إجراء الانتخابات النيابية؟ طالما أنها ستأتي بنفس النواب - وبعشرة عبيد صغار- من هنا أو هناك ويجهدون أنفسهم لإختيار قانون إنتخابي و أيّاً كان هذا القانون فهو يخدم مصالح الطبقة السياسية المسيطرة فلماذا يتحمس المتحمسون لإنتخابات ستعيد الموجودين أسماء و جهات ؟ طبعاً ثمة ثرثرة حول النظام الديمقراطي و آليات هذا النظام وضرورة العمل بها وكأنه إعتراف مسبق بوجود نظام ديمقراطي لا طائفي وهذا ما يُدخلنا في جدل عقيم نخدم فيه المستثمرين في الخلاف العبثي .
هناك من كتب ويلات وطن وهناك من يكتب بإستمرار نهاية وطن ومع ذلك هناك من يقول الوطن باق والبلد ماشي .