جلسات المجلس النيابي سُميت بجلسات محاسبة الحكومة في تسمية مضحكة بالنظر إلى الواقع اللبناني هل سيحاسب مجلس النواب نفسه وهل سيحاكم مجلس النواب حكومة نصفها من المجلس النيابي، إنها جلسات خداع المواطن اللبناني وجلسات الضحك على الشعب اللبناني
 

يستكمل اليوم المجلس النيابي لليوم الثاني على التوالي جلسات المناقشة العامة للحكومة والتي بدأها يوم أمس، حيث إستعرض عدد من النواب خطاباتهم وعضلاتهم لمحاسبة حكومة رئيسها وأكثر من نصف وزرائها نواب.
كان الأمر طبيعيًا لو أن المحاسبة تسلك طريقها الصحيح، تلك المحاسبة التي كفلها الدستور ونصّ عليها، وكان الأمر طبيعيًا جدًا لو لم يكن المحاسبون هم هؤلاء النواب الذين يمثلون بأنفسهم الطبقة الأولى لأدوات الفساد في لبنان، ولذلك فإن السؤال المطروح يبقى مشروعا وهو " من يحاسب من ؟" 

إقرأ أيضًا: القانون النسبي الخيار الأفضل
مجلس نيابي مدد لنفسه مرتين بشكل مخالف للدستور اللبناني، ومرّر قرارات شتّى منها ما هو مخالف للقانون كالقرار المتعلق بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ومنها ما يحمل الدولة أعباء مالية باهظة كقرار زيادة رواتب النواب السابقين، وغير ذلك من القرارات التي تكرس الفساد والهدر ومخالفة الدستور والقانون.
بالنظر إلى كلمات النواب وإحصاءاتهم في ملف الفساد تشعر أن لبنان بألف خير مع وجود هؤلاء النواب، وأما في التطبيق وفي جلسات ما تحت الطاولات، فتشعر بخيبة أمل جراء المحاصصات والسمسرات، وإن ما أظهرته مشاهد الجلسة النيابية يوم أمس يبعث على الملل والإشمئزاز من تلك الخطابات المملة والتي يعرف أي لبناني أنها خطابات كذب وخداع وما هي إلا مسرحيات إعلامية لأن المتحدث هو اللص ولأن المتحدث هو المتهم الأول بالفساد، ولأن المتحدث هو المتهم الأول بالإعتداء على الدستور والقانون.
وفي السياق نفسه فإن ما أظهرته كلمات النواب من الحقائق عن المخالفات والسرقات والفساد والهدر والنهب المنظم كان يجب أن تُغرق النيابة العامة بعشرات الإخبارات  لكنها مرتّ مرور الكرام لإنعدام الصدقية والجدية في المساءلة والمحاسبة، لأن هؤلاء النواب أنفسهم سيصبحون محل مساءلة ومحاكمة فيما لو انطلقت النيابة العامة بعملها في هذه الملفات والإخبارات.
ويمكن إبراز بعض مداخلات النواب في ملف الهدر والفساد لتوضيح الصورة أكثر ولمعرفة خطورة هذه الإتهامات في الوقت الذي لم يتحرك أحد للمطالبة بالمحسبة الجدية.

إقرأ أيضًا: أُقرت الموازنة فهل أُلغيت الضرائب الجديدة؟
الحديث عن "جيش مياومين وموظفين لا عمل عملهم، وملف المباني المؤجرة للمؤسسات الرسمية الذي تنفق عليها الدولة مليارات الليرات من دون جدوى، وملف الرشى المنظمة التي قال النائب حسن فضل الله إن تواقيع سياسيين مروراً بالسلطة كانت تصل الى عشرة ملايين دولار، وملف النفط والغاز الذي أثار النائب روبير غانم ثم الرئيس نجيب ميقاتي موضوع إتهام متورطين في طلب مئة مليون دولار من شركة إيطالية لقبولها في المناقصة وغير ذلك من النماذج المعيبة والمخجلة بحق هؤلاء النواب أنفسهم والتي مرت أمس مرور الكرام.