غريبٌ أنت..وعجيبٌ أمرك..تدَّعي أنك إلهٌ..وتقف على الماء...وتمسك بالسماء..ولكنك من نطفة البشر..أوصيك أن تستذكر بعضاً من أحلامك،يوم كنت تصطاد عصافير الشوك، وتلاعب الأطفال بكرة الورق...وعندما كبُرت تقاعدت عن مهنتك،فأصبحت مرتزقاً ومأجوراً لإصطياد الضحايا، وتصادر أرواح الناس البريئة، حتى خيَّم الظلام،واستبدَّ الظلم،ربما لأنك سئمت إشتمام روائح الدم،وتعبت عن رؤية الجرح والجراح، وعن سماع أنين المحرومين والفقراء على قارعة الرصيف، وأبيت أن تنظر إلى المسجونين والمقموعين الأبرياء،المهمَّشة ضلوعهم، والمُخلَّعة أظافرهم،والمُحرَّقة أجسامهم،ربما لأنك أردت أن ترفع شأنك رفعةً ومكانةً لترى نفسك عزيزة،بدلاً من أنانيتك المشروخة، تسلَّقت السلالم على حساب من هم أرفع منك وأحق وأولى، لهفت الطريق على الآخرين،لأنك من أزلام وأتباع السلطة والسلطان، كنت تسرق بإصبعك،وتدَّعي الخرس بلسانك، تسرق بخفَّةٍ مشروعة، ولياقةٍ معذورة، ربما لأنك جمَّلت فضاعتك البشعة بأعمال الخير، المبطَّنة بشرعة النفاق، ربما لأنك نشأت متطرِّفاً،لم تعرف معنى العدل والإعتدال، كنت تنظر إلى الناس أنهم ضالين، عن الدين والنهج والطريق، كنت تعتبرهم لا يستحقون الحياة، ربما لأنك وضعت نفسك موضع الرَّب، وأخذت تحرِّم، تحلِّل، تكفِّر، تنجِّس، وتقيم حدود الله، ربما لأنك عبَّأت النفوس، حتى أزهقت أرواحٌ،ربما لأنك سرقت بريق الدهشة من عيون الأطفال، أرعبتهم ،أخفتهم، حتى إستأنست وأنست، وشعرت أنك ظلُّ الله في الأرض،من أنت؟ أنت المغمور لم يعرفك أحد، لم يسمع بك أحد، كنت في غيابت الجُبِّ، وجدت أن مشوار النزهة والنزاهة طويل، تجرَّأت على ذلك،لأنك إعتقدت أنَّ في الضفَّة الأخرى أضواء مدينةٍ لامعة،تنال فيها المجد والشهرة، ربما لأنك طاطأت وحنيت برأسك، كي لا يقطعه سيف السلطان،وتصبح فزَّاعة لعصافير التين، ربما لأنك تراها سهلة فأصغرت كتفك، فأخذت بسيفك وسلاحك تدافع عن الجزَّارين،وتدين الأبرياء والشرفاء، كل ذلك إحترافٌ ودقَّة،دنسَّت العقول والأسماع، فأصبحت فذَّاً بلا منازع،في بلادٍ يُسحق فيها الإنسان،حرَّضت على القتل والكره والبغض،نسفت جسور المحبَّة بين الناس لتبارك حكام الجور، والقتل، وما يجري في بلادنا من قتلٍ وذبحٍ، لآلاف المسلمين قتلوا بأيدي مسلمين بمباركة شيوخٍ متأسلمين،ومفتيين طاعنين بالسِّن، أنها نطفة في بلاد العرب والمسلمين...