لم تحلْ عطلة عيد الميلاد المجيد دون تسجيل تطورات سياسية بارزة تمثلت في السرعة القياسية التي أقر فيها البيان الوزاري لحكومة العهد الاولى.
 

وهذه السرعة أتاحت بدورها تسريعاً لموعد ثلاثية جلسات الثقة في المجلس النيابي والتي بدأت أولاها هذا الصباح وسط معلومات أنه يمكن إختصارها إلى يومين إذا إنتهى طالبو الكلام بوقت قريب، وهو الأمر الذي يطمح اليه رئيس المجلس وذلك في ظل الاجواء الايجابية المرافقة للمناقشات.

لم يعد للمناقشات أهميتها في ظل الضعف الذي يعتري مداخلات المعترضين. فقطار التسوية الذي إنطلق بإنتخاب رئيس الجمهورية يسير بسرعة قصوى تمهيداً للإفادة قدر الامكان من الوقت المتاح أمام الحكومة للعمل على إنضاج قانون الانتخاب الذي ستجري على أساسه الانتخابات النيابية.


وإذا كان العنوان الابرز امام الحكومة فور نيلها الثقة هو إنجاز قانون جديد، فإن التحدي الماثل أمام أصحاب التسوية يكمن في بلورة ملامح القانون العتيد التي لم تتضح معالمه بعد سيما وأن تمسك المحور الآذاري بقيادة "حزب الله" بقانون النسبية المطلقة بدأ يتراجع أمام الهواجس العالية النبرة التي عبّر عنها أكثر من فريق ولا سيما في تيار "المستقبل" والزعيم الدرزي وليد جنبلاط.


وبدا واضحاً ان التراجع مرده الى رغبة الحزب في الأخذ في الاعتبار ضرورة عدم الذهاب بعيداً في دفع الفريق "المستقبلي" ومن يدور في فلكه إلى قعر التنازلات. ذلك ان الحزب بات يتفهم المبررات التي تدفع زعيم "المستقبل" ورئيس الحكومة إلى رفض النسبية والتمسك بقانون الستين. وهذه المبررات تقوم كما يقول أمام محدثيه على ضرورة عدم إضعاف التمثيل السني المعتدل الذي يمثله الحريري على حساب تقوية التطرف.
اما مبررات جنبلاط القائمة على ضرورة حماية التمثيل الدرزي ليس من منطلق الحجم والاعداد بل من منطلق الدور الوطني والمؤسسي في التركيبة اللبنانية، فهي لاقت بدورها من يستمع اليها، كما بدا من الوفد الذي إنتدبه الحزب للقاء الزعيم الجنبلاطي وطمأنته.


في الكواليس الانتخابية حيث تم تشكيل لجنة من الخبراء الممثلين للقوى الاساسية، ثمة عمل على إنضاج صيغة معدلة للقانون المختلط الذي يجمع بين النسبي والاكثري، لكن في المعلومات التي تتردد خارج هذه الكواليس ان حظوظ الستين لا تزال مرتفعة إذا لم تنجح مساعي القانون الجديد. ذلك ان التسوية الرئاسية التي أتت بعون رئيساً وبالحريري رئيساً للحكومة لن تأتيَ بقانون يضعفُ الحريري كما يرغب أو يضمر الخصوم، لأن لإضعافه محاذير قد تنعكس سلباً على هؤلاء إذا ذهبوا بعيداً في ما يضمرون.