أكّد سعد الحريري أنه قد أفلس سياسياً، كما هو صيته المالي من أوجي المملكة إلى المستقبل، تياراً وتلفزيوناً وجريدة بعد أن أنهى رحلة تنازلته بصولد رئاسي ساير فيه حزب الله كي يرضى عنه وقايض به عون برئاسة حكومة لطالما تمنّاها ولو جَمَل في صحراء . كان من المتوقع أن يقف صمود الرئيس سعد الحريري عند عتبة سعيه لرئاسة الحكومة كي يعيد ما خسره في السياسة وفي المال ظناً منه بأن الرئاسة ضمانة لبقاء الزعامة الحريرية التي ذهبت بذهاب الحريري الأب، فالابن لم يفلح في المحافظة على إرث كبير أضاعه وسط التعثر في المشي فقد أضلّه الكثيرون ممن يعتمد عليهم لتدريبه على المشي في طريق الزعماء . خطاب الأمس كمن يمدح نفسه ولا أحد ينتبه له لأنه الحلقة الأضعف في الحسابات السياسية كونه انهزم وأعلن إفلاسه السياسي و " المالي " ، وهو يستجدي ضمانة الآخرين بمقايضة تعيد له السلطة التي يعتبرها سفينة نجاته مما هو فيه من خسران مبين، فما عاد تيار المستقبل التيار الطليعي لجبهة 14 آذار وما عاد ممثلاً للاعتدال السُني ولم يبق من 14 آذار ما يُذكر، فقد كره الجميع فيه تخبّط سعد ومن معه في المواقف التنازلية وفي التجربة سواء في السلطة أو في المعارضة وتفرّق الحلفاء واحداً تلو الآخر، وعلى يديه المباركتين شعرت الطائفة السُنية أنها على موعد مع زعامة جديدة وهي تمرّ في مرحلة أصعب من مرحلة ما قبل مجيء الرئيس رفيق الحريري واكتساحه الساحق للساحة السُنية والتي كانت تنتظر مجيء البطل التاريخي بعد فراغ ثقيل . كل الأنظار تتجه نحو أشرف ريفي كزعامة معتدلة وبديلة بعد أن نالت ثقة الناس في طرابلس وحظيَت بتأييد كبير في الوسط السُني. ويبدو أن ما يخسره سعد يربحه الريفي، وما تأييد سعد الحريري لعون كرئيس لقصر بعبدا إلّا دفع لمزيد من التأييد للزعيم الجديد، وستشهد الانتخابات النيابية القادمة اكتساح ريفي لا في الشمال فحسب بل في المناطق كافة . لقد لفظ سعد الحريري آخر أنفاسه السياسية، وباتت الطريق مفتوحة ومشرعة أمام من لا يتاجر في البلاد والعباد .