تمهيد: تطرح أسئلة في أوساط الطائفة الشيعية: هل توجد معارضة لثنائية أمل وحزب الله، ذلك أنّ هذه المعارضة غير منظورة، لا مقرّ لها ولا عنوان، ولا برنامج، ولا مرشد، ولا داعية، ولا تنظيم، ولا حزب، تقتصر، شأنها شأن المعارضات الأخرى في البلد على "فرديات" معترضة أو رافضة، أو تحترف التعليق على الأحداث، في حين تقوم الكتل الطائفية والمذهبية( من ضمنها الثنائية الشيعية) كما يرى الرفيق المناضل أحمد جابر بدور مزدوج: صناعة السياسة وتصنيع الردود عليها، أي أنّها تحتل موقع الفعل، وتقود ردود الأفعال ،فتدرجها في سياق فعلها.
والمعارضون الشيعة لا يشذّون عن هذا التحليل، فهم أفراد، مثقفون، أو مناضلون، أو إعلاميون، أو رجال دين،أو سياسيون منبوذون من الحركة والحزب لاسبابٍ شتى، وتقتصر المعارضة على إبداء الرأي والتحليل المعارض على شبكات التواصل الاجتماعي، أو الظهور الإعلامي النادر، فما هي طبيعة هذه الثنائية التي تُواجه بأساليب محدودة وقدرات شبه معدومة؟
أولاً: حركة المحرومين (امل)..
تحتفظ حركة أمل بحضور وازن وفعال في أوساط الطائفة الشيعية، فمنذ تغييب قائدها السيد موسى الصدر، ويقوم الرئيس نبيه بري بالامساك التام لشؤونها الإدارية والوظيفية فضلا عن السياسية، فهو رئيس المجلس النيابي لمدة تقارب الربع قرن، وخلال هذه الفترة الطويلة، ساد الفساد والاهتراء في جسم الدولة، فتحكّم في توزيع المناصب الوزارية والنيابية، ووزّع المغانم والمناصب الإدارية والأمنية ، واحتكر تعيين المدراء العامين ورؤساء المصالح من أبناء الطائفة على شخصه الكريم، ورعى الاحتفالات (خاصة في ذكرى الإمام الغائب) ، وبنى المجمعات التربوية، وأمسك بمفاصل حيوية وهامة في اقتصاد الطائفة واجتماعها، ولا تزال حركته تحتفظ ببُنية ميليشياوية تظهر عند اللزوم، وكلما دعت الحاجة لذلك، هذا في حين يتبارى سياسيو الطبقة الفاسدة في خطب وُدّه ونيل بركاته،ويذهب بعضهم لاعتباره صمام الأمان في البلد ومجترح المعجزات لخلاص البلاد والعباد، كلما هبت عاصفة، أو حلّت داهية.
ثانياً: قطب الرحى في الثنائية: حزب الله..
حزب الله تمتدّ عروقه وشرايينه في مسام الطائفة بكاملها، فهو المالك الوحيد لمجد تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي يقوم برعاية آلاف العائلات المفجوعة بفقد أبنائها، ورعاية آلاف الجرحى والمعوقين، وهو الذي يمتلك ترسانة صاروخية معدّة ليوم النّزال الموعود مع إسرائيل، وهو الذي يمتلك بنية حزبية تنظيمية  صارمة وحازمة وحديدية لم يعرفها حزبٌ لبناني من قبل، وهو المالك الشرعي للرّمزانية الشيعية العرفانية والطهرانية، من مولد الأئمة حتى ملحمة كربلاء، وقبل هذا وذاك، عنده المدد الإيراني السخي الذي يكاد لا ينضب. 
هذه بعض ملامح الثنائية الشيعية، وما خفي أعظم، ومع ذلك، تبقى المعارضة الشيعية ، على بساطتها، وهشاشتها، وقلّة ناصريها، أشجع المعارضات، وأصدقها وأنبلها، ذلك أنّها لا تستطيع أن تكون طائفية أو مذهبية، لا تستطيع أن تكون إلاّ وطنية، وإلاّ فقدت مصداقيتها ومبرر وجودها.