زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزعيمة منظمة مجاهدي الشعب ( سازمان مجاهدين خلق) الإرهابية، أكبر التشكيلات المعارضة المسلحة ضد الجمهورية الإسلامية أثارت ردود فعل كثيرة وكبيرة في إيران وتحولّت إلى منعطف تاريخي في العلاقات الإيرانية- الفلسطينية.
جاء أول الردود على لسان حسين شيخ الإسلام الذي عيّنه الوزير محمد جواد ظريف كمستشار له في وزارة الخارجية، وهو معروف بانحيازه لقضية فلسطين منذ أكثر من ثلاثة عقود حيث كان سفيرا لإيران في سوريا ومساعداً لوزير خارجية إيران في شؤون الشرق الأوسط، وكان تعليق شيخ الإسلام عنيفاً وصريحاً حيث اعتبر أن زيارة محمود عباس لزعيمة مجاهدي الشعب الإرهابية لا تثير الاستغراب، لأن محمود عباس عميل للمخابرات الأمريكية.
وردّ خلفه حسين أمير عبد اللهيان كان أخف من رد شيخ الإسلام، حيث إنه اكتفى بالتعبير عن أسفه لقيام عباس بهذه الزيارة .
وعن اسباب هذه الزيارة يقال بأن هناك ضغوط سعودية على عباس، خاصة وأن مدير المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل شارك في مؤتمر مجاهدي الشعب الأخير الذي عُقد في باريس شهر الماضي وفي نفس السياق تمت زيارة  أنور عشقي مسؤول في المخابرات السعودية لإسرائيل.
ويقال بأن محمود عباس أراد بهذه الزيارة أن يرسل رسالة سخطه من علاقات إيران مع حماس. ومجموعة تلك الزيارات إنما تدلّ على مخطط لعزل إيران من محيطها والضغط عليها من الداخل، فإن تقرب المملكة السعودية إلى الكيان الإرهابي الصهيوني وتحالفهما تجاه إيران يُعدّ أكبر خسارة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما تقرب السعودية وحلفاؤها من أكبر منظمة إرهابية إيرانية يُعتبر رسالة إلى إيران. فإن منظمة مجاهدي الشعب التي هي جماعة مسلحة إرهابية قامت بالعديد من الاغتيالات في إيران تطال قائمتها مسؤولين كبار من أمثال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونواب للبرلمان ومدنيين أبرياء، مستعدة لاستئناف أعمالها الإرهابية داخل إيران بعد تاريخ طويل من الخيانة بوقوفها إلى جانب صدام حسين في حربه ضد إيران.
ووقوف تلك المنظمة التي زار الرئيس عباس زعيمتها (مريم رجوي) مع صدام حسين جعل عامة الشعب الإيراني وخاصته تكرهها للغاية، وبطبيعة الحال زيارة الرئيس الفلسطيني تلك تترك تأثيرا كبيرا على الرأي العام الإيراني وتجعلها تعيد حساباته مع القضية الفلسطينية.
لم ينس الراي العام الإيراني أن عناصراً من حركة فتح الفلسطينية شاركت في الحرب العراقية الإيرانية بجانب الجيش العراقي وتمّ أسر عدد منهم من قبل القوات الإيرانية ثم أفرج عنهم من دون أن يُلقى المسؤولية على حركة فتح، وبل اعتُبرت حالات فردية وليس قراراً تنظيمياً من حركة فتح. ولكن اليوم فإن الوضع مختلف، لأن الرئيس الفلسطيني قام بزيارة زعيمة منظمة مجاهدي الشعب الإرهابية لا يمكن تبرير تلك الزيارة بأي شكل، ويرى مراقبون بأن الدفاع عن القضية الفلسطينية في إيران لم يعد سهلة وبسيطة في ظل الموقف الذي اتخذه الرئيس عباس بعد انحياز حركة حماس إلى المعارضة المسلحة في سوريا ووقوفها بجانب الإرهابيين هناك، وكان الرأي العام الإيراني يعوّل على الموقف الرسمي لدولة فلسطين التي يرأسها محمود عباس، إلا أن الموقف الرسمي لهذه الدولة تغيّر بهذه الزيارة. والآن خسرت حركة فتح، الرأي العام الإيراني كما خسرت الرأي العام الكويتي منذ 1991 بعد مشاركتها في غزو الكويت.