تمرد اللواء أشرف ريفي على قيادته الحزبية في تيار المستقبل هو الآخر وقدّم واستقالته من الحكومة السلامية على النقيض تماما من الكتائبي سجعان قزي الذي تمرد على قيادته الحزبية ليبقى بالحكومة وزيرا للعمل ويمارس مهامه الوزارية بدون أي مظلة حزبية .

الاول خرج من الحكومة وبعدها من تيار المستقبل في خطوة مدروسة بدقة وبعناية في لحظة هبوط واضح ومشاكل كبيرة يعاني منها تياره ليرمي بنفسه خارج المركب فتحتضنه جماهير طرابلس ليواجه بهم الزعامات الطرابلسية مجتمعة في الانتخابات البلدية، ويتغلب عليهم مشكّلا بذلك لنفسه ما يشبه الزعامة المستقلة ومسجلا بذلك " ضربة معلم "، لتكون المحصلة النهائية في حساب الربح والخسارة لمصلحة ريفي بدون أدنى شك. 

وأما سجعاننا العبوس على الدوام، فلا اللحظة الكتائبية هي لحظة مؤاتية في ظل قيادة جديدة مفعمة بالحيوية وتبشر بنهج وأداء مختلف جعلتها محط أنظار الكثير من اللبنانيين المتأملين خيرا بشيء من الضوء في آخر النفق اللبناني المعتم. 

ولا الحكومة السلامية الموقرة بإنجازاتها " الزبالية " وسدودها الانتفاعية وخارجيتها " الكرولاينية " وسياحيتها المعومة وبكل ما فيها من مصايب وعاهات هي محل تقدير بحيث يصبح " النضال الغيفاري " من أجل البقاء فيها والاستمرار في سراديقها هو محل تقدير ويستأهل المجازفة من أجله. 

لقد رمى فتى الكتائب المسكين بنفسه في الفراغ لا هو إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، متمسكا بكرسي وزارة العمل التي يحاول أن يصنع منها مظلة هبوط يصل فيها إلى الارض بأمان، بدون الأخذ بعين الإعتبار أن هذا الكرسي المخلخل لا يصلح حتى للجلوس عليه ولا يأمن صاحبه انهياره تحته، فضلا عن تحويله إلى مظلة هبوط سوف تتكسر على رأسه حتما. 

يحاول المسكين أن يجعل من خطوته الانتحارية هذه حدثا وطنيا من خلال ربطه بحقوق المسيحين مرة أو عبر الحديث عن " انجازات " وزارية جبارة لا يسمع عنها اللبنانيون إلا من فم الوزير فقط،  لم يفلح سجعان قزي بإطلالته على شاشة تلفزيون الجنرال بالأمس كما في معظم إطلالته التلفزيونية أن يقنع حتى محاوره المتعاطف معه "بخبث صحفي " جان عزيز على تظهير الوزير مع حزب الكتائب ورئيسه الشاب سامي الجميل كإشكالية بين أجيال كتائبية، والقول بأن المساحة العمرية بين الوزير ورئيس الكتائب هي جوهر المشكلة، في حين أن المشكلة الحقيقية هي بين وزير متمسك بكرسي وزارته كما يتمسك الولد بلعبته المفضلة وبين نهج إصلاحي يقوده النائب الجميل أساسه تقديم المصالح الوطنية على المكاسب الحزبية الضيقة وهذا ما لا يفقهه الوزير قزي المنتمي الى جيل من السياسيين لا يقيمون وزناً إلا لمصالحهم الحزبية بل قل الشخصية حصرا .

لا يتمتع الوزير " المعلق " بالحد الأدنى من الكاريزمة الشعبية (لا بأس بالتذكير هنا بحادثة مشكلته مع جمعية كفى والإشكال الذي حصل معها في فقرة أخبار الصباح على شاشة المستقبل ونقل جزء منه على الهواء مباشرة) مما يجعل منه عبأً على حامله المفترض، فلا البطرك الراعي بهذا الوارد ولا أعتقد أن في التيار العوني متسع لأمثاله، بالرغم من وجه الشبه الكبير معهم من حيث الشكل طبعا ، مما يعني أن المكان الطبيعي والمستقبل الموعود لهذا الوزير هو الفراغ والإستقالة من الحياة السياسية باللحظة التي تحل فيها الحكومة على عكس الوزير ريفي الذي بدا بحياته السياسية باللحظة التي خرج فيها من الحكومة حتى ولو عاد الى صفوف تيار المستقبل كما هو متوقع .