لم يبذل حزب الله أي مجهود يذكر من أجل إبعاد تهمة التفجير الذي إستهدف المبنى الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في فردان مساء الأحد الفائت، بل وعلى العكس من ذلك تمامًا فإن الحزب بإعلامه وعلى لسان الناطقين بإسمه يكادون يوقعون على العبوة الناسفة، والقول بصريح العبارة إن حزب الله هو من يقف خلف التفجير المذكور. 

إذ ليس من باب المصادفة ما غرد به الصحافي المقرب من الحزب غسان جواد قبل يومين من وقوع الإنفجار، وما قاله جهارًا الصحافي المقرب جدًا من الدوائر الأمنية في الحزب حسن عليق على أحد المحطات اللبنانية وتهديده قبل يومين للبنك المذكور وبالإسم، هذا فضلًا عن عشرات التلميحات التي تكون بالعادة أبلغ من التصريح عبر صفحات التواصل الإجتماعي التابعة لناشطين "حزباللهيين". 

يضاف إلى كل ذلك ما قيل وما لم يقل بعد التفجير ، فبالمحصلة وبغض النظر عن الحيثيات الجنائية وهوية المرتكب بالدليل والبرهان القانوني إلا أن حزب الله من خلال أدائه لم يمانع من التوقيع وعن سابق تصور وتصميم على الجانب المخصص لإسم المرسَل من الطرد الناسف، ولا عجب في الأمر ولا يستدعي التوقيع هذا الحد الأدنى من الإستغراب في بلد متفلت من القانون والملاحقة ويسيطر عليه شريعة الغاب وحكم القوي والإستقواء على مؤسسات الدولة وقضائها واجهزتها الامنية حتى ممن هو أقل بكثير من حزب بحجم حزب الله وما معروف حمية عنا ببعيد. 

ومن ناحية أخرى فانه لا معنى من التفجير الرسالة إذا ما بقي المرسِل مجرد شبح غير معروف، لينبري في هذا السياق السؤال عن الهدف الأساسي من وراء الرسالة التفجيرية هذه ومن هي الجهة المرسَل اليها. 

قد يكون كل ما سيق وما يساق من تحليلات عن هوية المرسَل اليه فيه شيء من الصحة إبتداءًا من البنك المستهدف مرورًا إلى القطاع المصرفي ككل وشخص حاكم مصرف لبنان ووصولًا حتى الكونغرس الأميركي نفسه صاحب قرار العقوبات. 

إلا أن المثير للدهشة بالموضوع إن حزب الله يعلم علم اليقين أن رسالة من هذا النوع لا تقدم ولا تؤخر قيد انملة، لا بالاجراءات المصرفية المفروضة على البنوك اللبنانية،  وهذا ما كان قد أكده رياض سلامة " لا يمكن الإلتفاف على القانون الاميركي لان المراسيم التطبيقية شملت كل العملات بما فيها الليرة اللبنانية " مما يجعل من الهدف المرجو من وراء الرسالة تلك هو بمثابة هدف وهمي يستحيل على حزب الله أن يغيب عن باله هذا الأمر أو ان يقدم على امر مماثل له ما له من تبعات معنوية بغية تحقيق لا شيء. 

وعليه يجب التفتيش إذن عن مرسَل اليه أخر غير أولئك المدرجين على تلك اللائحة المعروفة والمذكورة أعلاه، وهنا أستطيع أن أدع بان أحد أهم  الأطراف المخفيين الذي أراد له الحزب أن يسمع صوت الرسالة بقوة ووضوح وان يستلمها قبل أي أحد هي البيئة الحاضنة بشكل عام وبالأخص منهم أغنياء الشيعة. 

فالحزب ومنذ أن وضعت الخزينة الأميركية لوائح تضم أكثر من 95 إسما لمسؤولين سياسيين ورجال أعمال وشركات ومؤسسات تعتبرها واشنطن مرتبطة بحزب الله، وهو أي الحزب يعمل بكل ما اوتى من جهد لتطمين بيئته أنه يمسك بزمام الأمور وبأن مجريات القرار لا يعدو أكثر من حرب نفسية ويحاول جاهدًا أن يبعد عن نفسه صورة العاجز الضعيف أمام الهجمة الأميركية، وبأن هذه " المعركة " كغيرها من المعارك ذات الطابع الإقتصادي هذه المرة  سيخرج منها ايضًا منتصرًا غانمًا تمامًا ككل معاركه العسكرية. 

ولما لم تنجح كل المساعي التي قام بها الحزب لصد الهجمة الأميركية أو على الاقل للتقليل من أضرارها، حيث فشلت مهمة الوفود الأربعة التي ارسلت الى نيويورك وواشنطن، وذهبت التهديدات لرياض سلامة أدراج الرياح ، ولم تكترث المصارف لتهديد سحب الكتلة النقدية " الشيعية " منها، بدأ الحزب يشعر بسخونة الموقف  وبدأت ملامح صورة العاجز الضعيف تتمظهر عنه ، وبدأ يتلمس بسبب شعور الوهن هذا ارهاصات إنفضاض أصحاب الرساميل الشيعة من حوله فكان لا بد أن يقول لهم وبالفم الملان أنه الأقوى وإن جبروته لن يهزم على أبواب مصرف، وإن مصالحهم محفوظة من قبله ولو بقوة التفجير والتكسير!