كان ليكون اجتماع وزراء الدفاع الروسي والسوري والايراني الذي عقد في طهران السبت الفائت يندرج في السياق الطبيعي للتباحث بالتطورات العسكرية الميدانية على الساحة السورية، بالخصوص بعد فشل ما سمي بالهدنة الروسية الاميركية وبعد ما شهدته الساحة القتالية من انتكاسات كبيرة على جبهة الشمال في ريف حلب والخسائر الفادحة التي لحقت بكل من المقاتلين التابعين لجيش النظام الاسدي وبقوات الحرس الثوري وجنرالاته من قوات النخبة .

  الا ان حدثين كبيرين سبقا هذا اللقاء " الدفاعي " ولا بد كانت ظلالهما حاضرة في لب الاجتماعات وما جرى فيه من مباحثات، الحدث الاول هو استرجاع الدبابة الاسرائيلية التي كانت موجودة في المتاحف الروسية والتي كانت غنمتها المقاومة الوطنية اللبنانية قبل اكثر من ثلاثين عاما  وما لهذا الحدث من مؤشرات كثيرة ليس اقلها القول من الجانب الروسي ان  مرحلة الصراع بين ما كان يسمى بمحور الممانع وبين اسرائيل قد انتهى الى غير رجعة وبان العمل الان جاريا على محو الاثار والمخلفات لتلك المرحلة .

  والحدث الثاني والذي يصب ايضا بنفس الاطار، وهو زيارة رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو الى روسيا للمرة الرابعة خلال تسعة اشهر، والاحتفالية المميزة بذكرى مرور 25 سنة على العلاقات الدمبلوماسية الروسية الاسرائيلية، والحفاوة الغير معهودة التي استقبل بها وما سرب عن اللقاءات بين بوتين ونتنياهو وتعهد الاول للمصالح الاسرائيلية باعتبارها الحليف الاول له بالمنطقة .

  هذان الحدثان كانا حاضرين حتما في اللقاء الثلاثي الذي عقد في طهران، مما يعني ان مقولة الحرب بسوريا انما هي بين محور المقاومة من جهة والمحور الاسرائيلي من جهة ثانية قد بانت كذبتها، والقول بان ما يجري بسوريا انما هو بسبب المواقف المقاومة للنظام ودعمه لحركات المقاومة بالمنطقة صار حديث لا يصدقه حتى الاطفال .

  فروسيا بوتين التي تتعهد المصالح الاسرائيلية بالمنطقة، هي نفسها التي تزج بطائراتها وبوارجها ومقاتليها بالحرب السورية دفاعا عن نظام الاسد وبقائه بالسلطة ومنع سقوطه، مما يعني ان مصلحة اسرائيل الاولى في سوريا انما تتحقق بهذا الهدف كممر اجباري لا غنى عنه  وبهذا المعنى فقد وضع حزب الله وخلفه ايران نفسها في موقع الحامي الاول للمصالح الاسرائيلية، وبات الدفاع عن نظام الاسد هو محل تقاطع مصالح بين الايراني وبين اسرائيل وبشكل لا مجال معه للتحليل او للنقاش، وبات شعار محاربة الارهاب والقضاء على داعش يكفي للدعس على كل الخطوط الحمراء حتى وان كانت متعلقة بالتنسيق الغير مباشر مع العدو الاسرائيلي .

  فاذا كانت القوات العراقية ومعها الحشد الشعبي يقاتلون بالعراق بقيادة قاسم سليماني وبالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة اميركا، فان قتال نظام الاسد ومعه حزب الله في سوريا بقيادة بوتين وتحت ظلال السوخوي وغرفة العمليات المشتركة مع العدو الاسرائيلي يعتبر تحولا تاريخيا في سياق الصراع مع العدو، وعليه فان الاجتماع الثلاثي الذي عقد في طهران انما هو بالحقيقة اجتماع رباعي فلو لم يحضر شخصيا افيغدور ليبرمان الا ان  " ملائكة"  وزير الدفاع الاسرائيلي هذا  كانت حاضرة وبقوة في طهران.