الإطلالات المتكررة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لم تسعفه ربما في في تظهير مواقفه بما يتلاءم مع سياسات الحزب وأهدافه، ولم يكن الخطاب الأخير إلا محالة جديدة لذرّ الرماد في العيون، خصوصا في الملفات الداخلية والخارجية التي تناولها السيد نصر الله ومن بينها الملف السوري وذكرى الإنتصار عام 2000 وملف الانتخابات البلدية ثم الانتخابات النيابية وقانون الانتخاب وقضية مقتل حسين الحجيري في البقاع .  

المقاومة كحق حصري:

استغرق السيد نصرالله في حديثه عن ذكرى الإنتصار في تصوير المناسبة كحق حصري لحزب الله فيما الجميع يعلم أن شرارة المقاومة بدأت مع تأسيس المقاومة الوطنية اللبنانية التي كان لها الفضل الأكبر في مقارعة الإحتلال الاسرائيلي قبل حزب الله بسنوات، ومع نشوء حزب الله لاحقا انضم الحزب لقافلة المقاومة  محاولا احتكار العمل المقاوم في الجنوب، وقد نجح بذلك الى حد كبير، فاستطاع أن يختزل المقاومات بمقاومته على مدى سنوات، مستفيدا من الأسس التي قامت عليها المقاومة الوطنية اللبنانية في تلك المرحلة وسارقا أمجاد المقاومة و شهدائها.

وسرعان ما تحول حزب الله إلى الآمر الناهي بموضوع المقاومة ليسجل له وحده إنجاز الإنتصار والتحرير، ثم ليستغله لاحقا بصورة هشّمت وجه المقاومة وتاريخها ومستقبلها وباتت الشماعة التي يلقي عليها نصر الله أعماله وحساباته حتى استنفذ نصر الله هذا الحساب ولم يعد له من المقاومة شي، بعدما جير حسابها ورصيدها لصالح النظام السوري الذي بات الدفاع عنه القضية الأساس لدى حزب الله وسياساته.

لقد استطاع نصر الله أن يقحم المقاومة في الوحول السورية فخسر المقاومة وخسر الآلاف من الشبان والفتيان على مذبح النظام السوري في قرارات ارتجالية غير مدروسة أقحمت الطائفة الشيعية كلها ولبنان كله في لعبة سياسة قذرة قد لا نستطيع الخروج منها .  

فلسطين :

أكد السيد نصر الله على إدانة الأعمال الاسرائيلية بحق الفلسطينيين وهو موقف لازم ومطلوب، إلا أنه أغفل عينه الثانية عن المجازر التي يرتكبها نظام الأسد في سوريا بحق شعبه وبلده ووطنه ، وإن إدانة الإجرام في مكان وغض الطرف عنه في مكان آخر لهو في قمة استغباء العقول وفي قمة اللعب على تناقضات الأزمات في المنطقة وهو تجني على العقل والأمة .

  الإنتخابات البلدية والنيابية:

أكد السيد نصر الله في خطابه على متانة التحالف بين حزب الله وحركة أمل إلا أنه غفل أن هذا التحالف لم يكن إلا ضد إرادة العائلات والقرى ولم يكن إلا ضد أبناء بيئته وطائفته، إذ لم يفسح هذا التحالف في المجال أمام أي مكون آخر ليثبت وجوده وحضوره هذا فضلا عن السلبيات الكبيرة التي تركها هذا التحالف بين العائلات وأبناء القرى .

في الإنتخابات النيابية كان السيد نصر الله من الذين صوتوا على قانون التمديد وهو اليوم يدين نفسه بالحديث عن الانتخابات البلدية وأنها أكثر تعقيدا من الانتخابات النيابية وهو بذلك يحاول التملص من خياراته التي كانت الى جانب التمديد للمجلس النيابي .  

قضية مقتل حسين الحجيري :

بالرغم من أهمية هذه القضية وتهديدها للسلم الأهلي في منطقة البقاع وجر المنطقة إلى فتنة لا تحمد عقباها، لقد تحدث السيد نصر الله عن الموضوع كأي قضية عابرة مع العلم ان هذه القضية على خطورتها كادت تهدد بحرب طائفية ومذهبية في المنطقة ،وهو تناول الموضوع بشكل عابر كما أراد أن يغطي على هذه الجريمة البشعة مع العلم أن عادة الثأر عادة مقززة مضى عليها الزمن ورفضتها كل الأديان والقوانين وحاربها الإمام الصدر بكل ما أوتي من قوة، وها هو اليوم يعيد بموقفه المتساهل هذا روح الثأر والعصبية الى المجتمع البقاعي وهو بغني عنها وخصوصا في هذه المرحلة بالذات .  

قانون الانتخاب :

تحدث السيد نصر الله عن قانون الإنتخاب داعيا الى اعتماد قانون النسبية متهما من يعارض هذا القانون بمحاولات الإستئثار وهو الذي يستأثر بقرارات البلد ولا يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية وهو دخل الحرب في المنطقة دون الرجوع الى أي من مكونان المجتمع اللبناني السياسية والشعبية .

  إن المغالطات التي ساقها السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير هي إدانة جديدة وإدمان على التضليل والكذب سوف لن يؤدي الى إلى المزيد من تشتت حزب الله وضياعه بعدما ضيع المقاومة و إنجازاتها في سوق السياسات في المنطقة .