تتواصل مواكب التشييع في كل من الجنوب والبقاع وبيروت لمقاتلي حزب الله الذين سقطوا الأسبوع الماضي، بعد المعارك الشرشة التي خاضها الحزب مع فصائل المعارضة السورية، وبغض النظر عن الأسباب العسكرية والميدانية التي ادت إلى سقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف الحزب، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو إلى متى سيستمر هذا النزف على الأراضي السورية؟

وإلى متى سيبقى الشباب اللبناني الشيعي تحديدا وقودا لهذه الحرب وهذه الفتنة؟ إن هذه التساؤلات المشروعة باتت اليوم تفرض نفسها وبقوة، بعدما تعدت مشاركة حزب الله في الحرب السورية كل الحدود المسموح بها سياسيا ووطنيا ولبنانيا وشيعيا إذا صح التعبير، وفيما لا يزال حزب الله يضرب بعرض الحائط كل الآراء الرافضة لتدخله في سوريا، إلا أنه يكتشف يوما بعد يوم عمق الأزمة التي أدخل نفسه فيها، وعمق المأساة التي ضرب بها الطائفة الشيعية في لبنان والعالم العربي.

فانطلاقا من مستنقع حلب والمأساة التي شهدناها منذ أيام بسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، مرورا بالتداعيات التي أدت لوصف حزب الله بالمنظمة الإرهابية وصولا الى العقوبات المالية التي يتعرض لها حزب الله ، فإن المسألة باتت أكبر بكثير من الوقوف الى جانب النظام السوري وقد تعدت الأزمة حدود سوريا لتتصل بأزمة المنطقة ككل والتي على ما يبدو فإن الخاسر الوحيد فيها هو حزب الله والدم الوحيد فيها هو الدم الشيعي .

إن هذا الموت الذي يصر عليه حزب الله، وإن هذا الإنتحار الذي يفاخر به حزب الله لم يعد ينطلي على أحد، وقد باتت سياسات حزب الله الإنتحارية محل إدانة واستنكار لدى الأغلب الأعم في الطائفة الشيعية أولا ولدى كثير من الفرقاء والحلفاء ثانيا، وبات حديث القريب والبعيد والصديق والعدو إلى أين سيمضي حزب الله بسياساته هذه ؟

وما هي الأهداف والمبررات التي يسوقها حزب الله اليوم لتبرير هذا الموت وهذا الإنكسار وهذه الهزائم ؟ ألم يحن الوقت ليستقظ حزب الله وينقذ ما تبقى من هذه الطائفة ؟

ألم ير الحزب بعد عبثية هذه الحرب وعبثية هذه القرارات الخاطئة التي أودت به إلى مستنقع الموت ؟

قد لا تنتهي الأسئلة، لكن أمام هذا المشهد الكبير من الموت والإنتحار لا بد أن يتكرر السؤال حزب الله إلى أين بل إلى متى ؟