من راقب المشهد عشيّة الانتخابات البلدية في لبنان بمعزل عن أنانيته ومصالحه الضيّقة

 وبنظرة ثاقبة وبجدّية الباحث عن حقيقة ما  واعاد مراجعة كل ماحدث في الماضي القريب والبعيد وقلب الصفحات بتمعّن على جدارية كبرى تتضمن ملاحم الاجحاف والتّهميش ونكران الجّميل ومحاولة الغاء  للسّابقين من العظماء والعباقرة والمثقفين

واهل العلم  ومصادرة حقوقهم  وبنظره عادله حرة وبكل تجرد ستطفو الحقيقة على السطح وتتّضح وضوح الشمس في الهاجرة  ويحصل  على الاجابات دون اي عناء  وتتلاشى كل  تلك القضايا المبهمة امام وضوح الحق وشفافيته وسيجد نفسه امام حالات استنساخ واجترار لكل من سلف ومن سلف وان حدث تغيير ما يكون بالاسماء والالقاب فقط وليس بالنهج والعقليه فهم متمسكون وبشراهة مفرطة بمناصب تمكنهم من ممارسة جشعهم وتسلطهم أينما رتبتهم أكفّ السياسة ووزّعتهم  المصالح ولا خير في نجواهم امام بلد اصابه صدع التكتلات والتوجهات وأمام شعب منهك بتنفيذ أجندات أهل السياسة طوعا وكرها رغم وضعه الاقتصادي المتردّي في بلاد الشمس والقمح والإرث السياسي والزّعامة  والغريب أننا  ندرك تماما معاناة  العظماء ونشعر معهم ونتفاعل ولكن تبقى سيرتهم  مجرد مسرحيّة تعرض على أعواد مسرح أبطاله  الأبرع  فيما لو وصلوا والأفضل في تمثيلنا بحرص وأمانة لو أسْعَفَتْهم الحظوظ وكانوا حيث يجب ان يكونوا والمخزي في ذلك الأمر أن المبايعين وأعني الشعب بكل طبقاته لم تطاله يد التطور والحداثة والتغيير عما كان عليه قيد أنملة  رغم تغير الظروف وتسارع الأحداث وبالرّغم من أننا نستطيع التمييز بين  الصالح القادر على المضيّ بنا نحو أوضاع أفضل تنسف واقعنا المزري والمنذر بوقوع كارثة قادمة وزلازل متنقلة تشل حركتنا وتعطل تفكيرنا لنخضع لحكم الاقوى (والازعر) دون ادنى مقاومه   ...

ورغم أننا نشهد ونؤمن  بقدرة البعض  وحكمته ونزاهته ونظافة كفّه الا اننا  نتهافت لمبايعة الفاسد فقد اعتدنا لحس القصاع الدسمة على موائد الاقوياء  وكأني بعلي بن ابي طالب إمام العدل والانسانيه   ينادي بصوت جهوري ليصل الى مسامع كل من شرع سمعه لمعرفة الحقيقة ولينبّه جمهورهم الأصم الغارق في الجهل والاستسلام وقد بحّ صوته في الربوع الخالية من  التفكر والتّدبر  فلم يزحزح فيهم صلدا جاء به سيل الغوغاء ولم  يوقظ ضميرا من غفوته ولا سفيها عن هوايته  يريد حياتهم الدنيا زرعا طيبا لاخرتهم ونباتا حسنا يؤتي اكله كل حين 

 ولأن من سلمت دنياه فاز بآخرته ولأن صلاح أمورهم وشؤونهم في هذه الدار نجاة لهم في تلك الدار   مع الاشارة ان الحكم لديه لا يساوي شسع نعل ما لم يقيم العدل بين الرعية  او يرفع الظلم عن كاهل البرية  لكن القوم يتهالكون على تقديم الغثّ وترك السمين زمن انقلاب الموازين وسخف العقول وتجارة البشر وتقديم الجاهل واقصاء العالم  فالتخلّف والإنحطاط والجّهل الذي يصيب مجتمعاتنا ليس نتيجة  اعتداء او احتلال او حظوظ وأقدار او شيطنة أبالسة الجّان فأبالسة الانس في لبنان يُمْلون على الشيطان ما يفعل  وكل ما يحصل هو نتاج  عقول تخلّفت وتكاسلت وسلمت مفاتيحها لحجاب اهل السياسة وضمائر تم بيعها بثمن بخس وارواح تعودت على العبودية وتقبيل الأحذية اللامعه  وتعودت على الاسر بكل مفرداته وقررت ان تقف خلف من صفعها على مدى اعوام ومن اخفق في تمثيلها ورفع معاناتها  فهذه المجالس البلدية انموذج واضح وعلى مرأى الجميع  

 فهل الإستكبار العالمي مسؤول عن جهلنا وتكرار اخطائنا وهل تمتد يده في كل مرة الى صناديق الإقتراع أو الى المجالس وخلف والكواليس وتحت الطاولات وفي الظلال العفنه حيث يُدفع لسائس الناس ثمنا لإختيار ميسور سارق أو وجيها جاهلا  على حساب الإنماء الفكري والثقافي والتربوي والفني والعملي .

لذا على الأفراد الوقوف مع أنفسهم اولا وتحريك ضمائرهم واستخدام حسّهم الانساني والوطني   للنّيل من وجوه باعتهم وامتجت قرارَهم  واستبدّت بآرائهم وحرفت وجهة قضيتهم وابعادها عن ساحة المواطن الفقير والكادح الشريف والتي تحوّلت الى بازار بشر  وقيم ومصارعة ثيران العصر للحصول على منصب يفترض ان يكون للعقلاء واهل النباهة  في استحاق ديموقراطي يشمل التنوع في بلد التنوع الطائفي والفكري والسياسي   .