نحن ندعو لعدم التزمّت وإنكار مناسبة عظيمة كذكرى ولادة النبي المنزّه المطهّر عيسى بن مريم عليهما السلام أو تفسيق من يحييها بطرقه المشروعة في شريعته
 

لا بدّ أن هناك ثمة رموز متداولة بين الجماعات لها معان وتدلّ على ثقافات معيّنة وعقائد خاصة:
- منها ما هو وطني يخص أبناء وطن واحد، كالأعلام الوطنية التي تشير الى هذا البلد أو ذاك...
- منها ما هو سياسي يخص فئة أو حزبا أو تنظيما... 
- منها ما يعتبر اجتماعيا، يخص جماعة بشرية بعينها... 
- منها ما هو ديني، تلتزم به طائفة أو مذهب معين ...
والأمثلة على ذلك كثيرة ولا حاجة لذكرها...

إقرأ أيضًا: الزواج المبكر بين الدين والواقع
ولكن، لا بدّ من لفت الإنتباه إلى أن هذه الشعارات والرموز  مرِنة وقابلة للتّبدل والتحوّل من دلالة إلى غيرها مع مرور الزّمن أحيانا، أو مع تطوّر الفكر مثلا، أو بسبب اختلاط جماعة بشرية مع جماعة أخرى بسبب انفتاح ما كالتجارة والسياحة والتعليم، أو بسبب تواصل معين كان منقطعا في فترة معينة من الزّمن ...
ومن الممكن أيضا وبسبب مرونة الفكر الإنساني وقدرته على الخلق والإبداع أن يحمل رمزا من الرموز أكثر من معنى واحد مع إختلاف الأماكن ولو اجتمعت بالزمان الواحد، وتكون هناك نقاط مشتركة بين هاتين الجماعتين دون أن يؤثر ذلك على عقيدة أي منهما...
ومثال ذلك صورة السيدة العذراء مريم الطاهرة والمقدّسة التي يشترك في رمزيتها المسيحيون والمسلمون، واجتماع أهل العقيدتين على اعتبارها معجزة إلهية، وهبة ربانية، وبأنها كانت سببًا لولادة مخلّص للبشرية من الجور والفساد، فيرفع شعارها واسمها وسيرتها كلاهما، وإن اختلفا على صفة وليدها المطهّر من الرّجس إن كان ابنا لله كما يعتقدون هم، أو نبيا مرسلا ومعجزة خالدة كما نعتقد نحن ...
ومثل ذلك أيضا الإحتفال بذكرى مولده الشريف واعتبار هذا اليوم هو يوم فرحة للمعمورة بأسرها لرفيع مقام صاحب المناسبة بعيدا عن الصّفة التي نعتقد أو يعتقدون بأنه يتّصف بها...
وأيضًا وأيضًا فإن كل مظاهر الإحتفال بهذه المناسبة الرّفيعة القيمة عند الكلّ كالزينة بكل أنواعها وتوزيع الحلوى وإقامة حلقات الفرح والأعياد ليست بأجنبية عن معتقدات الطرفين...

إقرأ أيضًا: نطلب الإصلاح المستطاع فلربّما نطاع
مع اختلاف في مدلولات بعض الرّموز أو طرق إحيائها بسبب اختلاف التشريعات بين هذه الطائفة وتلك، ومثال ذلك حرمة الغناء وحفلات السّمر وشرب المسكرات عندنا، والسماح ببعض ذلك عند بعض، على الرغم من الإتفاق التّام على أصل إحيائها ومشروعية الإحتفاء بها ...
وعليه نحن ندعو لعدم التزمّت وإنكار  مناسبة عظيمة كذكرى ولادة النبي المنزّه المطهّر عيسى بن مريم عليهما السلام أو تفسيق من يحييها بطرقه المشروعة في شريعته، لأن هذه الفسحة من السنة هي مناسبة عامة وتعتبر رمزا دينيا للجميع ورمزا اجتماعيا يجتمع عليه الكل ولا اختلاف عليه عند الساسة والأحزاب الحاضرة بقوة، عدا بعض الشركاء في الوطن اللادينيين ولكنهم يشتركون معنا بأن هذه الذكرى بالذات باتت رمزا انسانيا لا ضير في جعلها قاسما مشتركا ومرتكزا يبنى عليه للإلتقاء والإشتراك مع الآخر.