بالصور والفيديو..في شوارع لبنان أمّهات يتاجرن بأطفالهنّ من المسؤول؟

منذ يومين استوقفني على الطرقات مشهد طفل يتّخذ من الرّصيف فراشًا له، الأم منعتنا من التصوير إلا أنني استطعتُ أن ألتقط بعض الصور المبكية ويوم أمس أيضًا صادفتُ امرأة تجلس على الأرض بالتزامن مع هطول المطر وفي حضنها طفل أيضًا اقتربت منها وسألتُها "وين زوجك" لتجيب "مات بسوريا".

هذه المشاهد المتكرّرة والتي نصادفها يوميًّا دون أن نسأل عن الأسباب التي تجعل هؤلاء النساء يستغللن براءة اطفالهن وإيقاعهم فريسة لمهنة التسوّل، تستحّق أن نقف عندها ونغوص في مكنوناتها والتي ننظر إليها بسطحيّة أو استحقار موجّهين للأم أو للطفل بعض الكلمات النابية دون أي رأفة منّا وربما بعضنا يتوجّه لها بالقول "روحي اشتغلي ليش عم تشحدي".

هذا النوع من التسول والذي يستحقّ إطلاق تسمية "المتاجرة بالأطفال" عليه فضلًا عن ظاهرة التسوّل المنتشرة بشكل كثيف دون أي تحرك من اي جهة خاصة أو عامة أو حتّى من قبل الأمم المتّحدة المختصّة بشؤون اللاجئين أثارت لدينا عدّة تساؤلات وعلامات استفهام بدءا من عدم تحرّك أي جمعية مرورا بالإستهتار المتعلّق بهذه القضيّة وصولا إلى التأثيرات النفسية التي قد تودي بحياة هذا الطفل.

وفي هذا السياق أجرى موقع لبنان الجديد اتصالا هاتفيا مع الأستاذ فادي حليسو من مركز غصن زيتون المختصّ بمساعدة الأطفال السوريين اللاجئين إن كان من ناحية التعلّم أو الترفيه عنهم فأكّد أن التسوّل هو نتيجة لعدم قدرة العائلات اللاجئة على تأمين القوت اليومي للأسرة في ظلّ انعدام فرص العمل أو وفاة المعيل وبالتالي عدم  إمكانية الجمعيات تأمين المساعدات لهم دائمًا، فبعد شهرين أو ثلاثة تتوقف الجمعيات عن إمداد العائلة السورية بالمساعدات ويضطر بعدها الطفل أو الأم إلى الخروج للتسوّل"

بهذه الطريقة شرح حليسو اضطرار العائلات اللاجئة إلى استخدام الطفل كذريعة للتسوّل أو إرساله شخصيّا"

وللوقوف على دور الجمعيّات في حماية هؤلاء الأطفال أجاب حليسو أنهم كجمعية حاولوا الحصول على تمويل من مؤتمر المساعدات الدولية لمساعدة اللاجئين من أجل حماية الأطفال المتسولين لكنهم لم ينجحوا في ذلك" مشيرا إلى أنهم كجمعية حاولوا تطبيق هذا المشروع على نطاق ضيّق كمخيّم برج البراجنة وشاتيلا فوجدوا أن بعض العائلات اللبنانية تساعد اللاجئين عبر دفع إيجار المنازل لهم، لكن عندما تتوقف هذه المساعدات تعود الأمور إلى سابق عهدها أي إلى التسوّل"

وتطرّق حليسو إلى الصعوبات التي تواجه مشروع حماية أطفال الشوارع بدءا من الحاجة إلى التمويل الدائم وصولا إلى الطرق الممنهجة والمدروسة والتي هي غير موجودة حاليا."

ورفض حليسو تحميل المسؤولية إلى أي جهة كانت موعزا تفاقم هذه الظاهرة إلى الثغرات الموجودة في النظام الإنساني ففي حين تسعى الجمعيات إلى النظر لفئة الشباب والتركيز على الأنشطة الشبابية، إلا أنها تُهمل فئة الأطفال سيّما أطفال الشوارع أو العائلات التي تحتاج للمساعدة".

وكشف حليسو أنّه هناك نقاش عالمي مطروح يدرس نقاط الضعف والفشل في النظام الإنساني لمعرفة كيف يمكن تجنّبه.

وعن الأمهات اللواتي يستخدمن أطفالهنّ كذريعة للتسوّل وعن العقاب أجاب حليسو أنّه لا يمكن المطالبة بالعقاب قبل إيجاد البديل للعائلات المحتاجة"

وربّما كنّا نعتقد أنّ الأطفال المتسوّلين هم ضحية لمافيا تحاول ان تستغلهم ورغم أنّ هذه النظرية لا زالت قائمة إلا أن الإستنتاج الأخير يقع على عاتق مؤتمر المساعدات الدولية لحماية اللاجئين باعتبار أنّه لا يغطّي نفقات الأطفال اليتامى الذين وقعوا ضحية حرب لا حيلة لهم فيها.

فأنا أعتقد أنّه بعد ذلك سنفكّر مليّا قبل أن نهين طفلا سوريًّا متسولا أو أما تتاجر بأطفالها لظروف خارجة عن إرادتها.