ضحايا الأخطاء الطبية ليست الا مسلسل يحتاج إلى وزارة الصحة لوضع خاتمته كي لا يتحول الأطباء لجزارين في نظر الفرد
 
فجأة تتوقف عقارب الزمن ويرخي الحزن بظله على عائلة أدخلت أحد أفرادها إلى المستشفى لظروف متعددة، فبين انتظار خبر الشفاء أو خبر الولادة يكون خبر الوفاة جزءًا صادمًا غير متوقع ومستهجن، خصوصًا أن المريض ليس مهددًا بمرض خطير قد يقضي على حياته، لكنه ضحية لمستشفيات لبنان التي ان دخل اليها الفرد لن يخرج منها إلا جثة نتيجة للأخطاء الطبية التي تحصل دون حسيب أو رقيب.
فرغم ما تطالعنا به وسائل الإعلام بين الحين والآخر، عن خطأ طبي أدى لوفاة أحدهم، تبقى حالات كثيرة طي الكتمان لذا من الصعب معرفة المعدل السنوي للوفيات نتيجة لهذا التقاعس في التبليغ، وبعيدًا عن المعدل فإن ذلك الموضوع أصبح هاجسًا مقلقًا لدى اللبنانيين الذين بدأوا يؤمنون بمقولة "بتفوت على هيدي المستشفى بتضهر جثة"، في ظل تكرار حالات الإهمال والأخطاء الطبية، وآخر هذه الحالات التي لم تظهر للعلام حادثة الشاب محمد ياسين الذي توفي نتيجة سوء تشخيص في أحد المستشفيات.
 
ورغم أن الطب رسالة انسانية قبل أن تكون تجارية فقد الطفل المبتسر علي طحينة ابن بلدة معركة الجنوبية حياته بعدما عجز والديه عن دفع الفاتورة البالغة قيمتها 7 ملايين نصف المليون ليرة، وان كانت هذه القضية التي أثارت موجة غضب لدى الرأي العام اللبناني نتيجة للإستهتار بحياة الناس فإن هنادي أحمد سيف ابنة طرابلس والتي وهبت الحياة لطفلتها ورحلت فتحت الباب على مصراعيه أمام هول الأخطاء الطبية، فهنادي غادرت الحياة قبل أن تكحل عينيها بطفلة انتظرتها 9 اشهر، ووضعت علامات استفهام حول تمادي المستشفيات في الإستهتار بصحة الناس لأجل المال، وتعقيبًا على ذلك فإن السؤال الواجب طرحه هنا ما الذي يدفع المستشفيات الى إهمال المريض حتى الموت؟
صحيح أن الخطأ وارد في كل مهنة حتى لو كانت الطب الا أن تكرار الأخطاء يشير لوجود خلل ما إما في الطبيبالمعالج وإما في تجهيزات المستشفى ونذكر هنا بعض الأسباب التي تزيد نسبة الوفيات بهذا الخطأ:
1- ضعف الكفاءة والمهارة عند الكثير من الأطباء.
2- عدم وجود عقوبات رادعة وصارمة للمستهترين والمرتكبين للأخطاء.
3- أخطاء التشخيص التي على أساسها يتم علاج المريض وخير مثال على ذلك الشاب محمد ياسين المذكور أعلاه.
4- عدم قيام وزارة الصحة بواجباتها على أكمل وجه من حيث الرقابة ومتابعة الملفات ومحاكمة المخطئين.
5- استخدام اشخاص مبتدئين كأطباء البنج وغيرهم.
 
وبناء على ما ذكرنا، فإن التخفيف من هذه الظاهرة المثيرة للقلق تقع على عاتق وزارة الصحة وذلك باتخاذها لعدة خطوات نذكر بعضها:
1- وضع آليات وأنظمة لرصد الأخطاء الطبية ودراستها والتحقق منها ومعرفة أسبابها وحيثياتها.
2- الرقابة والمتابعة المستمرة لعمل الكادر الطبي ومحاسبة المخطئين. 
3- اقامة الندوات والمؤتمرات الطبية المستمرة. 
ولعل النقطة الرابعة تعتبر من أهم النقاط التي أيضًا لها دور كبير في الحد من نسبة الوفيات ألا وهي تجهيز المستشفيات بأحد المعدات الطبية فلا يضطر المريض الى التنقل من مشفى الى آخر وهو في وضع حرج.
ضحايا الأخطاء الطبية ليست الا مسلسل يحتاج إلى وزارة الصحة لوضع خاتمته كي لا يتحول الأطباء لجزارين في نظر الفرد من جهة ولكي يثق الفرد بالعلاج في بلاده فلا يخاف أن يكون ضحية ممن ضحايا الإستهتار والأخطاء.