أوقفت نهائياً أو جمدت السعودية هبتها المالية التي كانت مخصصة للجيش اللبناني، ويقال أنّها في صدد سحبها لوديعتها المالية الموجودة في البنك  المركزي، وما تبع هذه الخطوات من تأييد ومؤازرة لها من قبل مجلس التعاون الخليجة ممّا جعل منها بمثابة موقف عربي عام قد يزيد من خطورة ما هو ات في المرحلة القادمة كما أشار وزير الداخلية نهاد المشنوق. 
  وفي خضم ردود الفعل اللبنانية على هذا الإجراء، وما رافقه من تحميل للمسؤليات والأسباب المؤدية لما وصلنا اليه، كان  من البديهة بمكان تحميل حزب الله بالدرجة الاولى كامل هذه المسؤولية، ومن ثم مواقف وزير الخارجية جبران باسيل عندما خرج عن الاجماع العربي المستنكر لما تعرضت له سفارة المملكة السعودية في طهران من اعتداءات. 
  وإن من بين كم كبير من ركام توصيف كثيرين من المراقبين والإعلاميين للمشهد السياسي الحالي وتموضع لبنان الجديد ، برز عنوان يقول بأنّ لبنان قد تحول إلى "محافظة ايرانية"، لأنّ سيطرة حزب الله على مفاصل كثيرة من الدولة اللبنانية (المحافظة الإيرانية) وإقحامه من بوابة الخارجية هذه المرة  في خضم الصراع المحتدم بين إيران من جهة وبين العرب من جهة اخرى، كما جرى في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، فرض على المملكة مثل هذا الموقف وما يمكن أن يجرّه من تبعات مبررة عربياً. 
  وفي هذا السياق وإن كنت موافقاً من حيث المبدأ على تشخيص الدور المستجد والمفروض على لبنان بما يخدم السياسات الإيرانية على حساب مصالحه ومستقبله وصولاً حتى إلى التهديد الوجودي للكيان، إلاّ أنّه وبمكان ما قد استفزني الى حد كبير تشبيه لبنان بـ"المحافظة الإيرانية " لما يحمل هذا التشبيه من مغالطة ضخمة لا بد من الوقوف مليا عندها. 
  فبنظرة سريعة على كامل الجغرافيا الإيرانية ومحافظاتها الـ 31، لا يجد المواطن اللبناني بدّاً إلاّ أن يحسد تلك المحافظات وما تتمتع به من خدمات حياتية تليق إلى حد كبير بالإنسان المعاصر ولو بشكل متفاوت، ليس أقله الكهرباء والنظافة والترتيب والطبابة والاستقرار والبنى التحتية والسلطات المحلية والانتخابات والتعليم ووو. 
  ولا بد من القول أيضاً، أنّ النظام الايراني في طهران لا يسمح ولا يرضى بأن تتحمل أيّ من هذه المحافظات تبعات سياسية واقتصادية على حساب رفاهية وازدهار باقي المحفاظات، فهذا يعتبر من الوظائف الطبيعية للنظام المركزي بأن ينظر إلى كل بقاع الوطن الإيراني نظرة متساوية لا تفاوت بها على الأقل من حيث الإنماء والإعمار. 
  ومن هنا فلا أجد مندوحة من القول أنّ النظام في طهران ومعه حزب الله في لبنان لا ينظر البتة ولا يعتبر أصلاً أنّ لبنان هو واحد من المحافظات الإيرانية، إذ كيف يعقل العمل على التدمير الممنهج للبنان من أجل مصلحة باقي الوطن الإيراني، بحيث نجد أنّه في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون الإيرانيون إلى تحسين علاقاتهم مع المملكة السعودية وطرق كل الأبواب المغلقة كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني لما فيه مصلحتهم نغلق نحن أبوابنا المفتحة.
  وهذه المفارقة بين حرص المسؤولين الإيرانيين لكامل محافظاتهم وما يقومون به فيها ولما يجري عندنا، يمكن سوقه على كثير من الصعيد التي لم نذكر إلاّ بعضها فقط،  ممّا يجعل من تسمية لبنان بالمحافظة الايرانية  الـ ( 32 )، هي تسمية بعيدة كل البعد عن الواقع، نعم يمكن استبدال هذا التوصيف بشيء آخر أقرب إلى الحقيقة كاعتبار لبنان  قاعدة عسكرية أو منصة صواريخ أو محور متقدم أو قاعدة قتالية.. ما إلى هنالك 
  وفي الختام فبين أن يكون لبنان "محافظة ايرانية"، لها كل ما للمحافظات،  وبين ان يكون مجرد ثكنة عسكرية،  فرق كبير جداً.. بحيث يحسن القول حينها يا ليت لبنان محافظة ايرانية .