لا يمكن الفصل بين المناورات الأضخم في المنطقة كما وصفتها كثير من وسائل الإعلام والتي بدأت اليوم في منطقة حفر الباطن السعودية، وتشارك فيها حوالي عشرين دولة اسلامية، مع أعداد ضخمة من الطائرات العسكرية  والمروحيات والآليات وأعداد كبيرة من الأفراد المقاتلة، وبين الخطاب الذي ألقاه سعد الحريري في البيال بمناسبة ذكرى 14 شباط  لا شكّ أنّ سعد الحريري قد وقف على المنصة هذا العام بخلاف كل الوقفات السابقة، فلم يعد يمثل بحضوره مجموعة من " التنابل "، قوتهم الوحيدة أنّهم يجلسون على ثروات مالية ضخمة فقط، بدون أن يكون لهم أيّ عضلات ولا حتى مواقف "رجولية"، مما جعل الخصم ينظر إليهم وإليه على أنّهم أشباه رجال لا حول لهم ولا قوة وبأنّ أموالهم لم ولن تصمد أمام جبروت خصومهم وآلة القتل التي يستند إليها. 

  ولأنّه كما يقول المثل " كتر الدق بفك اللحام "، فإنّ عنجهية المحور الإيراني السوري، وكتر الدق في لبنان واليمن والعراق وسوريا، على رأس العرب والأنظمة العربية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودول الخليج والتعاطي على استمرار التدخل في شؤون بلدان المنطقة واللعب بأمنها ومصالحها وكأنّها بلدان خاوية على عروشها  ولا يوجد فيها من يمكن أن يقف في وجه أيّ دخيل أو عابث.

أعتقد جازماً بأنّ هذه القراءة الخاطئة للمحور الإيراني وخيلائه والذهاب بعيداً في فرض وقائع جديدة على المنطقة، قد ضاقت بالعرب ذرعاً وساهمت في استفاقتهم من ثباتهم العميق الذي طال لسنوات،  وبالعودة لكلمة سعد الحريري، فإنّي لم أرَ فيها أيّ جديد يذكر على مستوى الملفات الداخلية، وإنّ الثقة بالنفس التي كانت ظاهرة بالأمس والتي تمتع بها الرجل في وقفته إنّما هي امتداد طبيعي لتلك الإستفاقة العربية المتمظهرة الآن في المناورات الضخمة.

 إنّ تركيز سعد الحريري بكلمته على عروبة لبنان وتحديّه الواضح للمشروع الإيراني وحلفاء ايران في لبنان، والحديث عالي النبرة عن رفض تحويل البلد إلى ولاية إيرانية، يضاف عليهم دفاعه عن المملكة العربية السعودية والخليج، كانت هي النقاط الأبرز التي أراد الإشارة إليها والحديث فيها.  ولعل مجيئه الى بيروت ومشاركته شخصياً في الذكرى، بدون إضافة أيّ شيء يذكر على ملف الرئاسة كما افترض البعض، هو رسالة سعودية واضحة باعتبار أنّ سعد الحريري هو جزء لا يتجزأ ّمن تلك المناورات التي تحاول فيها المملكة استعمال كل أوراق القوة لديها.  

لا شكّ أننا على مشارف مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة بين إيران من جهة وبين الدول العربية من جهة أخرى، وإنّ وظيفة رعد الشمال هي محاولة أخيرة لإقناع الإيراني بأنّ زمن "التنبلة" قد ولّى وبأنّ عليها أن تتعاطى مع هذه المتغيرات ولبنان لن يكون بعيداً عن هذا التحول.

 إنّ هدير الطيران والآليات وأصوات الرصاص الحي قد وصلت بالأمس الى البيال، فهل سيكون لها أثر في حارة حريك، هذا ما سوف نسمعه من السيد نصرالله غداً... والله يستر .