كتب الشيخ نمر النمر وصيته بدم بارد لحظة اعدامه من قبل جهاز القصاص في المملكة ليقرأ من يريد أن يقرأ سرّ الانتصار في الشهادة التي تحاكي غرائز مستحكمة بالعقل الاسلامي نخباً وشعوباً والتي تبتذل التاريخ وتبتزه لتتصارع مع الحاضر رغبة في احياء فتن جديدة تستولد الموت المجاني لأمّة لم تعش يوماً خارج دائرة الصراع مع الذات .

لقد برهن أهلُ السنة من حزب السلطة رغبتهم في تحطيم مكونات معترضة على التاريخ كما هو كما أن أهل الشيعة من حزب السلطة قد أبلوا بلاءً سيئًا في تعاطيهم مع المحيط العربي والاسلامي من موقع الرفعة الالهية التي أمست في أيديهم لحظة انقسامهم عن الأمّة لصالح الفئة الناجية من نار الوحدة .

في السعودية سلطتين دينية وسياسية اجتمعتا على تكفير ايران المجوسية ومن معها من شيعة تابعين وأقدمتا على اعدام شيخ لا يملك الاّ كلمة حق قالها بوجه نظام جائر ومعه مجموعة قائلة وناطقة بكلمة الشيخ التي تعلمها من كُتب أهل السُنّة والجماعة . في ايران تحريض شعبي لا يبتعد كثيراً عن الشعوب العربية في استخدام أدوات البلطجة بالحرق والتكسير للممتلكات رغبة في الانتقام ممن ؟

سؤال لا يعرف جوابه الكثيرون ممن يقومون بفعل اشعال الحرائق والخلع والكسر تماماً كما يقدم الكثيرون من المعترضين على الدولة عندنا في احراق الدواليب على أبواب بيوتهم فيشربون السموم ويوسخون ما تبقى من حيطان نظيفة في مدنهم وقراهم ويعتقدون أنهم عاقبوا الدولة على تقصيرها في خدمتهم .

طبعاً الاعدامات في السعودية لا تُقارن بحصار السفارة السعودية بالنار الفارسية ولكن التساوي هنا بين منطقين منطق عربي بدوي معترف ببداوته وبين منطق فارسي يفتخر بحضارته التاريخية عن العرب فغاب التمايز الايراني الحضاري لصالح بداوة جاهلية جديدة .

لقد قطعت السعودية علاقاتها مع ايران وتبعها تابعون لها من دول خليجية وعربية واسلامية وبات الصراع المخبوء بين ايران والسعودية على المكشوف مما يعني أننا أمام مرحلة ساخنة في المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً وما تصريحيّ رعد وفتفت الاّ بشائر لمرحلة لبنانية تستدعي أخذ الحيطة والحذر من انتحاريين متأهبين لتأدية واجبهم الديني في القتل الجماعي وربما هناك استحضار لأدوات أخرى للعبة الصراع المذهبي في لبنان بعد أن رُفع الغطائين السعودي والايراني عنه . يبدو أن وصية الشيخ نمر النمر مكتوبة بحبر ايراني ودم سعودي سيبقى دين في رقبة الجاني الى يوم التسوية المؤجلة الى يوم غير معلوم .