ما أن تم الإعلان عن إجراء عقوبة الإعدام بحق الشيخ نمر باقر النمر حتى اشتعل الشارع الإيراني مندّداً جريمة إنزال أشد العقوبات بحق رجل دين مسالم لم يكن ذنبه سوى التعبير عن مطالب الشعب عموماً وهي عبارة عن حق تقرير المصير و تطبيق العدالة ورفع التمييز الطائفي.   ولكن بما أن الحكومة الإيرانية لم تكن تتوقع تنفيذ هذه العقوبة بحق الشيخ نمر ولهذا لم تتخذ تتدابير وقائية لتداعيات هذا الحادث على المستوى الشعبي فإن اقتحام السفارة السعودية من قبل جماعات غاضبة من الشعب وحرق قسم من مبنى السفارة فاجأ الشرطة الإيرانية التي لم توفر العدة والعتاد لصد هجوم المحتجين الى السفارة السعودية في طهران. 

  وشهدت قنصلية المملكة السعودية في مدينة مشهد هجوماً عنيفاً من قبل المحتجين الذين قاموا بحرق المبنى.   الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد واجه تنديداً واستنكاراً عاماً في إيران حكومة وشعباً وبث صور تُظهر صهر صادق محصولي وزير الداخلية الإيراني السابق في عهد محمود أحمدي نجاد لدى الهجوم إلى مبنى السفارة السعودية في طهران.

  ليس خافياً على أحد بأن المتشددين في إيران وجدوا بعد إعدام الشيخ النمر فرضة ذهبية للصيد في الماء العكر، وإنهم يهمهم تشويه سمعة الرئيس روحاني وحكومته المعتدلة ودبلوماسيته المسالمة أكثر من الاحتجاج على المملكة السعودية.   إنهم يستهدفون الآن حومة الرئيس روحاني التي حصلت على إنجاز تاريخي مع المجتمع الدولي وتنفيذ الاتفاق النووي سيقصم ظهر المحافظين المتشددين في إيران كما يسبب في غضب المملكة السعودية، التي ترى في عودة إيران إلى أحضان المجتمع الدولي وعودتها إلى مكانها في سلّم المصدرين للفنط مصدر تهديد لها، إذ إنها تزعم بأن إيران سوف تستخدم أصولها المجمدة التي ستُفرج عنها من أجل توسيع تدخلها في المنطقة، وأن استرداد إيران حصتها من سوق النفظ سيؤثر على حجم تصدير السعودية من النفط.  

وهكذا تلتقي مصالح المتشددين في إيران مع مصالح الحكومة السعودية المتشددة التي لم تُظهر منذ اعتلاء الملك سلمان العرش إلا القبضة الحديدية وتخلت عن الدبلوماسية وآدابها وتقاليدها.   الرأي العام الإيراني يرى بأن المتشددين الذين هاجموا على المباني الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد هم ناولوا الكرة للسعوديين ليسجلوا هدفاً في مرمى إيران بقطع العلاقات السياسية احتجاجاً على حرق مبنى سفارتهم في طهران.  

ولكن إيران لم تقف مكتوفي الأيدي إذ نددت الهجوم إلى السفارة السعودية واعتقلت 38 شخصا من المتورطين في الهجوم ولا يعرف أحد حتى الآن هل صهر وزير الداخلية السابق من جملة المعتقلين أم لا؟   ولكن الرد القاسي من قبل إيران تجسد في إعلانها مقاطعة الحج مبرراً إياها بعدم توفير الأمن للحجاج.

هذا القرار الإيراني دفع بوزير خارجية السعودي عادل الجبير بالإعلان عن استعداد بلده لاستضافة الحجاج الإيرانيين.   ولكن في نفس الوقت قامت السلالم الكهربائية في المدينة المنورة ومكة المكرمة بإنزال لافتات مكتب شؤون الحجاج الإيرانيين ليجد ترحيب عادل الجبير بضيوف الرحمن الإيرانيين ترجمة صادقة في الأفعال!   يبدو إن العلاقات الإيرانية السعودية مفتوحة لجميع الاحتمالات ومجموعة من الأحداث منذ شهور حتى الآن لن تبشر إلا للمزيد من التوتر بين البلدين.