مرة جديد يؤكد مرشح الرئاسة الأوفر حظاً سليمان فرنجية ، بإطلالته مع الإعلامي مارسيل غانم على حجم كبير من الشفافية والعفوية الممزوجة بالكثير من الصدق ، وإن كانت هذه الحالة الواضحة بشخصية فرنجية تعتبر إلى حد بعيد واحدة من أهم مناقبه إلاّ أنّها تكشف في الوقت عينه عن حجم الترّهل والتخلف في الحياة السياسية اللبنانية .

المستمع لكلام فرنجية يدرك سريعاً كم أنّ العلاقات الشخصية والتقارب الشخصي بين الزعامات هي التي تشكل العمود الفقري الأساسي للبنية السياسية في لبنان ، ممّا يعني من انعدام شبه تام ومن إفراغ كامل لأيّ من الشعارات أو البرامج أو حتى الرؤى التي وفقها يمارس سياسيونا نشاطهم .

هذا ما عبّر عنه بشكل واضح وصريح سليمان فرنجية ، وبالتالي فلم تكن أجوبته على الكثير من الأسئلة المطروحة خارج هذا السياق ، ومن هنا يتجلى تمايز فرنجية عن غيره من السياسيين الذين يجهدون أنفسهم بإقناع اللبنانيين عبر تظهير أنفسهم على أنّهم أصحاب مشاريع وبأنّهم يحملون أفكار سياسية وما إلى هنالك .

الشخصنة والعامل الذاتي بمعناهما السلبي والإيجابي هما المحرك الأكبر لأيّ من أسباب التعقيد للوضع أو لأيّ حلحلة مفترضة ، فتلعب ما يسمى بالكيميا الشخصية بين المسؤولين دورها الطليعي برسم المشهد السياسي ومستقبل الوطن .

فالصداقة الشخصية المستجدة بين فرنجية وسعد الحريري ، وحدها كفيلة بنسج علاقة متينة يتخطى عبرها الأوّل من كونه صديق " قاتل " رفيق الحريري ، وتجعل من الثاني بقدرة قادر حريص كل الحرص على حاضر ومستقبل البلد وإخراجه من دائرة التآمر على المقاومة والمقاومين .

وكذلك هو الحال بالنسبة للوعد "الشخصي" الممنوح من الأمين العام لحزب الله لجنرال الرابية ، هو العائق الأكبر بالوصول إلى نهايات سعيدة للتسوية الرئاسية .

والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على أيّ مسار بين الأحزاب والحركات السياسية  فإذا ما أردنا فهم العلاقة مثلاً بين حركة أمل من جهة وبين الحزب التقدمي الإشتراكي وبعد أن نكتشف بأنّ كمية الكيميا بين الرئيس بري وبين زعيم المختارة هي كمية كبيرة بحيث تجعلنا ندرك سريعاً بأنّ العلاقة بين حزبيهما علاقة راسخة ولا تتزحزح ، وبنفس هذا المعيار نفهم الصراع التاريخي وحروب الإلغاء بين سمير جعجع وميشال عون مما يجعل أيّ تقارب بينهما يحتاج إلى أعجوبة أكبر بكثير من مجرد ارتفاع نسبة حظوظ فرنجية بالوصول إلى الرئاسة .

 وبالعودة إلى مقابلة فرنجية ، وبالإجابة عن سؤال حول علاقته بحزب الكتائب فلم يجد حرجاً أن تكون الإجابة المختصرة هي : الشيخ سامي الجميل ( رئيس حزب الكتائب  ) هو أخ وصديق ، ولم يجد نفسه مضطراً إلى تناول العلاقة بأيّ خلفية سياسية .

ختاماً ، لا بد من القول أنّ شفافية سليمان فرنجية وبقدر ما هي جميلة ومطلوبة ، إلاّ أنّها وبكل أسف تكشف بشكل فاضح عن حقيقة السياسة في لبنان ، ومقدار التخلف الذي نعيش فيه نحن اللبنانيون رغم كل الإدعاءات الجوفاء عن وعي المجتمع اللبناني .