قبيل عقد اجتماع وزراء خارجية الدول الست الكبرى ووزير خارجية إيران، نشر صورة للمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، على حسابه في إنستغرام، تظهره يوقع على ورقة، وكانت الصورة مرفقة ببيان للمرشد الأعلى حول اليمن، ورغم ذلك استوحى منه عباس عراقجي كبير المفاوضين الإيرانيين رضى السيد خامنئي ، فأعاد نشره على حسابه في إنستغرام .

ولا شكّ في أنّ الفريق الإيراني كان على إتصالٍ دائم بالمرشد الأعلى ، وأنّ التوافق النووي لم يكن  ليحصل إلا بعد موافقته، ولكن يبقى السؤال فيما إذا كان المرشد الأعلى راضياً بهذا التوافق أم أنه وافق على التوافق من دون رضى؟

فمنذ بدْء المفاوضات النووية، قبل 18 شهراً، أكدّ السيد خامنئي على مجموعة من الثوابت، وهي عبارة عن أنّه بسماحه لإستئناف المفاوضات، يحاكي تجربة الإمام حسن بن على الذي خضع للصلح مع معاوية، وأبدى مرونة يسميها خامنئي بالمرونة البطولية، تجنباً للفتنة وهدر نفوس المسلمين، ولكنه بالرغم من إبداء تلك المرونة البطولية، أكدّ دوماً على أن الأميركيين غير قابلين للثقة، وأنّهم غير جادين وغير صادقين، ولا يريدون إلا الشر للجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني، ثم تنبأ بأنّ تلك المفاوضات التي تتم بعد إذنه، اختباراً للأمريكيين، لن تؤدي إلى أيّ نتيجة، وحتى بحصول التوافق، لن تُرفع العقوبات عن إيران، وهكذا أوحى بأنّ المفاوضات مع الدول الست، عمل عبثي لا يترتب عليه أي فائدة!

ولكن مسار الأحداث أثبت جدارة تلك المفاوضات، كما أظهر الطرف الآخر مرونة، هي أيضاً كانت بطولية، حيث أثارت تلك المرونة الأمريكية، استياء الجمهوريين كما أثار سخط أهم حلفاء الولايات المتحدة، وهو الكيان الصهيوني، الذي يتهم الولايات المتحدة بالتنازل أمام إيران النووية وإعطاء فرصة لها لإنتاج القنبلة النووية .

لم يتراجع المرشد من تشاؤمه السابق بل انتهج أسلوباً مزدوجاً حتى بعد حصول التوافق النووي بين إيران و الدول الست الكبرى وذلك بإمتناعه عن إصدار بيان لتهنئة الشعب أو تهنئة المفاوضين الإيرانيين على هذ الإنجاز الكبير .

ولكن بعد ساعات من الإعلان عن التوافق إستضاف المرشد الأعلى مجلس الوزراء في حفل إفطار وإكتفى خلال كلمته بتوجيه الشكر للفريق المفاوض على جهوده خلال المفاوضات النووية من دون أن يصرح بأيّ كلمة تظهر رضاه عن مضمون التوافق ممّا يبقي المجال مفتوحاً أمام اتخاذ المواقف المتضاربة بين التبجيل والتخوين .

ولا أحد يعرف حتى الآن بأن السيد خامنئي لا زال على موقفه الأول قبل بدء المفاوضات أو أنه تراجع عنه .

فهل تتكرر معه تجربة الإمام حسن بن علي الذي خضع للصلح مكرهاً عندما أحس بأنّ أتباعه لا يرافقونه في القتال مع معاوية؟

الإحتفالات والأفراح التي أطلقها الإيرانيون في مختلف المدن تفيد بأن الشعب راضٍ عن الإتفاق النووي. فماذا عن المرشد ؟

هل أنّه راضٍ أو موافق تحت وطأة ضغوط الرأي العام؟

على أي حال ، ما أبداه هو المرونة البطولية وسمّه ما شئت.