انتهت ليلة القدر النووية الإيرانية بتوافق بين إيران والدول الخمس زائداً واحداً، يُعلن عنه بعد دقائق من الأن في فيينا من قبل وزيري خارجيتي إيران والإتحاد الأوربي، جواد ظريف و فدريكا موغريني. إيرانياً يبدو أن هذا التوافق، كان مرض للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله خامنئي، ومما يدل على ذلك، نشر عباس عراقجي صورة للمرشد الأعلى على حسابه في انستغرام وهو يوقع على ورقة، وكان يقصد المفاوض الإيراني أن المرشد ألأعلى صادق على التوافق، تجنباً من تحركات المحافظين المتشددين المعارضين للتوافق، والساخطين على الأفراح الشعبية التي ستطلق اليوم في شوارع إيران، فور الإعلان عن التوافق النووي.

فإن الأفراح الشعبية التي ستطلق بعد ساعة في إيران، ليست إلا حملة انتخابية للإصلاحيين الذين استعان بهم الرئيس روحاني في الانتخابات الرئاسية، والآن يعلق عليهم آمالاً كبيرة في الانتخابات النيابية القادمة، للتخلص من البرلمان المحافظ المعارض لحكومته.

سيتحدث الرئيس روحاني حديثاً تلفزيونياً مباشراً مع الشعب الإيراني ليذكّره بأن مفتاح العقلانية قادر على فتح جميع الأبواب المغلقة. اليوم، يوم حزين للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي أدت سياساته المتطرفة وغير المدروسة الى خروج الملف النووي الإيراني من المنظمة الدولية للطاقة الذرية الى مجلس الأمن، الذي فرض عقوبات مدمرة على إيران بسبب عدم تعاونها في التحقق من برنامجها. تلك العقوبات المدمرة أعطت فرصة ذهبية للمقربين من أحمدي نجاد لنهب ثروات الشعب وجعل العوائد النفطية أرضاً مستباحة، ومعاونو الرئيس أحمدي نجاد الآن إما في السجن كمعاونه الأول، أو تحت التوقيف بانتظار المحاكمة، كمعاونه التنفيذي المتهم باختلاس ما يقرب من 20 ميليارات دولار، أو تم توجيه اتهامات لهم، كمعاونه في مؤسسة الشهيد العملاقة.

وعليه يمكن القول بأن حكومة أحمدي نجاد كانت أقسى وأسوء من جميع العقوبات الدولية وألأميركية والأوربية، ونهبت تحت غطاء العقوبات، وبحجة تدوير العقوبات، ما تيسر لها من ثروات الشعب، مما اضطر القضاء الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون، الى الاعتراف بالفساد المالي لأعضاء حكومته، رغم جميع محاولات التخفي والتستر والاحتفاظ بماء وجه الرئيس السابق. فاليوم يجب أن يسمى بيوم الخروج من عقوبات أحمدي نجاد المدمرة، حيث أنه لم يسبب في فرض تلك العقوبات على إيران بسبب جنونه وجهله، بل إن تياره وفريقه كان أكبر المستفيدين من العقوبات، حيث أنهم تمكنوا من تكوين إقتصاد سري يتيح لنهب ثروات الشعب، بعد إخراج الأنشطة الاقتصادية عن متناول العيون المراقبة والمحاسبة.

قبل أسبوع أعلن القضاء الإيراني عن توقيف حميد بقائي، المعاون التنفيذي للرئيس السابق أحمدي نجاد بتهمة الاختلاس، وأعلن مسؤول إيراني نقلاً عن مصدر أمني بأن بقائي لديه استثمارات في 10 بلد، والتعرف على الأموال التي خرج بها من البلد، يحتاج إلى سنوات، فضلاً عن العودة بها إلى البلد. اليوم يجب أن يثمن الشعب الإيراني تجميد أمواله وعوائده النفطية في البنوك الأوربية والأميركية والهندية والصينية والكورية وغيرها من البلدان، لأن تلك الأموال، ستعود اليه خلال أيام بعد تنفيذ التوافق، بشكل رسمي، وكان مكانها أمن من النهب، رغم تجميدها، أما الأموال التي سرقها مقربو أحمدي نجاد، يبدو وكأنها تبخرت في الهواء، وكشاهد على ذلك اعتراف الناطق الرسمي للقضاء، الشيخ محسني إيجئي قبل يومين، بأننا لا نعرف أين اختُبئ أموال بابك زنجاني الشاب السجين الذي يُقدر أمواله الى ما يفوق 13 ميليار دولاراً.

هنيئاً للشعب الإيراني يوم تحريرهم من العقوبات النجادية المدمرة، التي صنعت القعوبات المفروضة على إيران، ولكن تبين في نهاية المطاف أن أحمدي نجاد كان أكبر عقوبة ابتلي بها الشعب الإيراني في تاريخه الطويل حتى الآن. وهنيئا للرئيس روحاني والفريق المفاوض الإيراني وذروة العقل الدبلوماسي الإيراني جواد ظريف، الذي أجبرته حكومة أحمدي نجاد على التقاعد قبل أوانه، وأقصاه الى غرفة صغيرة ومهمشة في كلية العلاقات الدولية، ولكنه عاد قائلاً: بحول الله وقوته أقوم.