لماذا العدو؟ ما الدور الإجتماعي والسياسي الذي يؤديه في المجتمعات المعاصرة ؟

هل يجب على الهوية أن تُبنى ضدّ " الآخر" ؟

يعتبر كارل شميت أنّ هذه هي وظيفة السياسي بذاتها ، فالعدو اذاً هو الآخر ، الشرّ ، التهديد  ، ولا يمكن فصله عن الحياة كما المرضى .. وهو يقدم خدمات كثيرة ، ويعمل مهدئاً ، خصوصاً عبر المسؤولية التي يمثلها سواء الحقيقية منها أو المُتخيلة في قلقنا الجماعي .

ويمكن لصناعة العدو أن تُرسّخ الأواصر الجماعية ، ويمكنها أن تكون مخرجاً بالنسبة إلى سلطةٍ تواجه مصاعب على الصعيد الداخلي .

ويغيب العدو في الكتب التعليمية الأساسية للإستراتيجية العسكرية ، وتشغل الحرب ، التي تقدم منذ البداية بوصفها ، معطى  التحليلات والأفكار .

ويدرس المؤرخون إستدلاليّاً العوامل التي سببت الحروب ، والتي لم يكن الناس واعين لها بالضرورة . لكن يجب أيضاً العمل على فهم كيف تنشأ تخيلات العدوان ، وتحديد العناصر الإجتماعية التي يتشكل منها الرأي العام .

من يصنع العدو ؟

لم يعد الفقيه أو الزعيم أو الرئيس هو من يقرر الحرب أو السلم بمفرده إذ يستلزم توفير أسباب موافقة للرأي العام ، وتمرّ صناعة العدو بمراحل شتى ومنها : أيديولوجيا إستراتيجية محددة يبشر بها خطباء مهمتهم صنع رأي عام ، وأليات صعود نحو العنف المبرر .

يقول هنري ميشو لقد كانت الحرب أسوأ الحلول لكن الناس خضعوا لها ، ومن المنطقي أن نحاول فهم كيفية إنتاج العجرفة الحربية التي تدفع الناس إلى أن يقتل بعضهم بعضاً بطريقة شرعية .

إنّ الحرب هي ، قبل كل شيء ، ترخيص ممنوح شرعيّاً لقتل أناس لا نعرفهم ، أو أحياناً نعرفهم حق المعرفة على غرار الحروب الأهلية ، لكنّهم يتحولون فجأة الى طرائد يجب تعقبها والقضاء عليها .

إنّ الحرب هي اللحظة " غير الطبيعية " ، إذ يمكن معاقبة من يرفض قتل العدو بالموت ،  لذا يتعين علينا القيام بذلك عن طيب خاطر والإقتناع بما نفعل .

إنّ ما قاله كارل شميت وهنري ميشو يعكس بصورة واضحة هويات المتقاتلين الجُدد من أحزاب الله ودعواتهم إلى الحروب وصناعتهم المستمرة لأشكال متعددة من العدوات وتوفيرهم للأسباب الموجبة لها لخلق رأي عام على الصورة التي عليها الآن المسلمون من إنقسام سياسي وقومي ومذهبي وطائفي مُثقل بدماء تصرخ جميعها الله أكبر ، وفي لحظة واحدة من سقوط أبدانها على طريق الجنة  .