حيثما تتجول في الضاحية الجنوبية تلتقي بأطفال لم يبلغوا الحلم يحاولون بيعك بالونات أو ألعاب صغيرة،ويرمقونك بتلك النظرة الغاضبة الحزينة إن رفضت الشراء،هذا في شوارع الضاحية فكيف بحي السلم حيث هناك اكتظاظ في عدد السكان بالإضافة للسوق الشعبي، الذي لا تخلو محاله من طفل صغير يعرف معنى البيع وزيادة الأرباح وتملق الزبون أكثر ما يعرف عن ملعب مدرسة مليء بالألعاب أو طبشور يكتب به اسمه ولا ننسى أماكن تصليح السيارات حيث نجد طفلا صغيرا يحاول فحص سيارتك وكأن خبرته في هذه المهنة تفوق خبرة المتخرج من معهد يختص بالصيانة.. تقول رشا القادمة من الغربة:" أول مرة بروح عهيدا السوق الشعبي بس أكتر شي لفتلي نظري إنو كل محل بفوت عليه في ولدين عالأقل عم يبيعوا ومستلمين المحل كأنن رجال" طبعا،ليس مخفيا على أبناء الضاحية الجنوبية هذا المشهد،فالفقر الذي بدأ يتآكل العائلات بسبب الوضع الإقتصادي دفع بالأهل إلى توظيف أبنائهم بأعمال سخرية لا تتناسب مع

أعمارهم علما أن العديد من الإتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الإستغلال الإقتصادي للأطفال ومنها المادة( 32-1 من اتفاقية حقوق الطفل) والتي تنص بشكل واضح على أن "الدول الأطراف تعترف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح ان يكون مضراً أو ان يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو ان يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي". ولبنان من أبرز المصادقين على هذه الإتفاقية.

وفي سؤال إلى عبدو ابن العشر سنوات الذي يعمل مساعد في محل ميكانيكي:ما حابب تروح عالمدرسي متل رفقاتك وتتعلم؟" أجاب:"بحب المدرسي بس لازم إشتغل أنا وإخواتي لساعد أهلي بأجار البيت وبعدين هيدي المصلحة بتفيدني لما أكبر " والطفل العامل يوفر على صاحب العمل كلفة الأجور العالية ويعطيه حق استغلاله لساعات عمل طويلة كما أنها تجعله بموضع الآمر الناهي لعدم اكتساب الطفل خبرات تمكنه من الرد وبناء على ذلك يبدو أن ما يفيد صاحب العمل يؤثر على صحة الطفل وسلامته فالإستغلال يتعبه جسديا والتأنيب والترهيب الذي يتعرض له يوميا قد يعرضه لمشاكل نفسية في المراهقة وأما عن العمل في مهن لا تتناسب وعمره لا بد من أن تجعله فريسة للسلامة الجسدية والمخاطر الحياتية هذا الوضع، يتطلب من الدولة في الدرجة الأولى تطبيق القوانين عبر معاقبة المخالفين ومن المدارس الخاصة، تخفيض رسوم التسجيل ويتطلب منا جميعا (مؤسسات وأهل) المساهمة في حماية هؤلاء الأطفال من خلال النظر الدفاع عن حقهم في الطفولة