بدا لبنان وهو على مشارف نهاية العام 2014 هرماً، عجوزاً كعامه، ترتجف يداه، وتهتز رجلاه بعد أن أثقله العام بأحمالٍ كثيرةٍ لا يستطيع وحده النهوض بها أو إزالتها عن كاهله...

فمنذ اندلاع الأزمة السورية ولبنان غارق في وحل إرهاصاتها ونتائجها لا بل إن الأزمة طالته وأحرقت أصابعه وكاد الحريق أن يمتّد إليه لولا العناية الإلهية إضافة الى القرار الدولي والإقليمي القاضي بعدم اللعب في الساحة اللبنانية لأن أحداً ليس له مصلحة في ذلك وليس كرمى لعيوننا، فلبنان يكاد ينهي عامه وهو بلا رئيس واكتفى بحكومة تقوم مقامه وتنفذ صلاحيته غير أنها حكومة تمشي على رؤوس أصابعها على حافة هاوية تراعي خواطر هذا الوزير المحسوب على حزب معين او ذاك الوزير المحسوب على طائفةٍ معينة، وهي غير قادرةٍ على اتخاذ قرارٍ جريء أو حاسم بقضية الجنود المخطوفين لدى الجماعات الإرهابية، وهي باتت قضية وطنية تهم اللبنانيين بجميع انتماءاتهم وعقائدهم، ولكن الحكومة ترسل الى الأهالي كل يوم جرعة أمل لم يروا منها أي بصيص أمل بانفراج يؤدي الى تحرير أولادهم...

وتطل علينا في نهاية موسم 2014 قضية الفساد وصحوة الضمير التي استيقظت فجأة من سباتها الطويل، لتفتح ملفات فساد تطال الضغاف أما الفاسدون الكبار فلا يجرؤ وزير في حكومة اللاقرار على أن يتخذ أيَّ إجراء بحقهّم لأنهم أصلاً محميون بحصاناتهم وأموالهم ومشاريعهم الإقتصادية المشبوهة...

وماذا نتحدثّ عن هذا العام الذي حمل إلينا بحلٍ نيابيٍ ممددٍ لنفسه بذريعة أن الأمن غير مستتب والدولة غير قادرة على إجرائها في هذه الظروف الصعبة، علماً ان الإنتخابات السورية بغض النظر عن رأينا فيها فهي جرت والحرب دائرة هناك. فإذا كانت الحكومة غير قادرة على إجراء أهم استحقاق سياسي فلِمَ هي موجودة؟ وما هي وظيفة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية؟ ألم يوجدوا لمثل هذه الأيام والإستحقاقات؟

يكاد ينتهي العام والأزمات المالية والإقتصادية والإجتماعية هي أيضاً الى تفاقم وازدياد، فأين هي حقوق الموظفين في القطاعين العام والخاص؟ أين أصبحت سلسلة الرتب والرواتب؟ أين أصبحت حقوق العسكريين الذين يدفعون اليوم ثمن اخطاء هذه الإدارة الفاسدة؟

وترى من يحكم لبنان؟ ومن يتحكم بمصير بلدٍ لطالما تغنّى السياسيون به "ويحوطونه ما درّت معايشهم"، فأين هم الآن من قضاياه الكبرى: فإسرائيل تسرق نفطنا وتتربّص بنا شراً والإرهاب يحيط بجباله الشرقية وجمهوريته بلا رئيس يحسن إدارة البلاد؟

فإلى أين نحن سائرون؟ ألم يقرأ المسؤولون في لبنان أنّ الأزمة السورية طويلة وطويلة... فعلام يراهنون؟ ألم يحن الأوان للجلوس والتفاهم والحوار علّه يأتي العام القادم وقد تنفس لبنان الصعداء؟