عند كل ازمة سياسية او منعطف دستوري حيث يزداد الكباش بين الافرقاء الى حدود الانفجار , كباش نشهده جميعا وندخل غماره بلا وعي ، مسؤولين وافراد رغم ان الوطن والمصلحة الوطنية عادة ما يكون في الدرك الأسفل من سلّم الأولويات ، فاهتمامات المتكابشين تكون في مكان اخر حيث تحضر بقوة المصالح الإقليمية والحزبية والشخصية ليكون الغائب الأكبر هو المواطن وهمومه ، كما نحن عليه الان في خضم ما تشهده المسيرة الدستورية لاستكمال فلتة ولادة حكومة سلام التي وقى الله بها شر الفراغ ، عندها يخلع فريق 8 اذار الذي يشكل حزب الله عموده الأساسي كل ثيابه ليرتدي قميص "المقاومة " فلا وجود لحزب التوحيد ولا للتنظيم الناصري ولا للتيار الوطني الحر ولا لحركة امل او البعث او او ,, ، فتختفي فجأ كل العناوين والاسماء ( كل من شارك بذبح المقاومة اثناء حرب الإقليم ) وتختبئ خلف متراس " المقاومة" ، وهذا لا يحصل صدفة وانما عن سابق تصور وتصميم من اجل العمل على تحويل أي اختلاف داخلي وعلى أي مستوى لتظهيره على انه خلاف مع تاريخ عريق من التضحيات والبذل في سبيل تحرير الوطن من محتل غاشم يتفق الجميع على احترام تلك الفترة التاريخية ، ويتحول بذلك المختلف مع هذا الفريق السياسي على أي من الطروحات الداخلية على انه انما هو خلاف مع المقاومة وتاريخ المقاومة وشهداء المقاومة واسرى المقاومة وجرحى المقاومة وتضحيات المقاومة ولا بأس في هذا المجال اذا استحضر أيضا دين المقاومة ورب المقاومة وانبياء المقاومة ، وهذا الأسلوب المبتذل يعتمده هذا الفريق ليس فقط للدفاع عن سياساته العامة والكبرى , بل نراه يستعمل حتى في الزواريب اليومية من انتخابات النيابية الى البلدية والاختيارية وصولا الى انتخاب لجنة اهل في اصغر مدرسة لاصغر ضيعة ، فاذا اقرينا بحقيقة ان طبيعة النظام السياسي اللبناني يحرم حزب كحزب الله من ترجمة انجاز تاريخي ضخم بحجم التحرير ومقارعة المحتل الى مكاسب داخل السلطة الا ان هذا لا يمكن ان يمنحه الحق من جعل عنوان مقدس كعنوان " المقاومة " كورقة ابتزاز في سوق المهاترات السياسية من اجل فرض رؤيته الداخلية او تلك المرتبطة بمحوره الإقليمي والزام باقي اللبنانيين بها فهذا الأسلوب بالتعاطي انما يسئ بالدرجة الأولى الى المقاومة نفسها ، فمن المعيب هذا الاستمرار بالمتاجرة بمرحلة مشرقة من التاريخ وبتضحيات شهداء عظام بذلوا ارواحهم على مذبح الوطن في الأسواق السياسية الرخيصة ، فمن المعيب ان مقاومة بحجم الشيخ راغب والسيد عباس وبلال فحص وحكمت الأمين وسناء محيدلي ان تستثمر لمصالح ضيقة فمن المعيب ان رصيد مرحلة مشرقة ومنيرة من الصراع مع المحتل الإسرائيلي يصرف الان في غير مكانه وزمانه فمن المعيب ان تتحول كل تلك البطولات التي سطرت على ارض الجنوب لمقاومين ابطال من كل الاتجاهات والطوائف الى مجرد عبارة تكتب في بيان وزاري من اجل كل هذا وانطلاقا من الوصية الأساس , فاننا ندعوا الى حفظ تلك المرحلة المقدسة باشفار العيون وهذا انما يصير ليس فقط عبر سحب عنوان المقاومة من بيان وزاري هنا او خطاب سياسي هناك , بل والعمل على سحبها من كل التجازبات السياسية الرخيصة , وهكذا فقط نحفظ المقاومة وتاريخها المجيد.