خلافا للتوقعات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء أمس باحتمال استبعاد طرح مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على الجلسة من خارج جدول الاعمال، فعلها المجلس وأقر المرسوم، في خطوة تعتبر الاولى على طريق الالف ميل الذي ينتظر الاستحقاق النيابي بعد أقل من شهرين، وتحديدا في تشرين الاول المقبل، تاريخ انتهاء ولاية المجلس الممددة.

ماذا يعني توقيع المرسوم؟ وهل يرفع حظوظ اجراء الانتخابات النيابية المعدومة أساساً بفعل عامل الوقت الضاغط والرغبة المبطنة لدى القوى السياسية الاساسية في تجاوز هذا الاستحقاق والدفع نحو تمديد ثانٍ للولاية النيابية؟
لا شك في أن قرار مجلس الوزراء توقيع المرسوم أمس أعطى اشارة العد العكسي للانتخابات النيابية ووضع قطارها على السكة القانونية والدستورية، لكنه لا يعني حكما أن هذه الانتخابات ستجرى. وللتذكير، ان لبنان واجه سابقة مماثلة قبل التمديد السابق للمجلس عندما تم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتقدم المرشحون بترشيحاتهم ليستفيقوا بعد أسابيع قليلة على قرار تمديد الولاية النيابية واطاحة اي حظوظ لنجاح المرشحين (ولا سيما الجدد منهم) في بلوغ ساحة النجمة.
وفي رأي مصادر سياسية مواكبة، أن خطوة الحكومة تأتي في اطار احترامها لدورها وواجباتها والتزاماتها حيال تطبيق الدستور والقوانين المرعية، بحيث قطعت الطريق على كل الانتقادات التي وجهت اليها لمخالفتها القانون وتنصلها من تحمل مسؤولياتها حيال الاستحقاق النيابي.
وعلّقت المصادر أهمية كبيرة على التفاهم الوزاري الذي ساد الجلسة الحكومية حيال توقيع المرسوم (وكالة عن رئيس الجمهورية)، مشيرة الى ان هذا التفاهم يعبر عن توافق ضمني حول الملف النيابي، يقضي بعدم اثارة أي مخالفات في شأنه أو انتقادات تؤشر للصفقة السياسية المتكاملة والتي تشمل في ما تشمل، التمديد مقابل تفعيل عمل المجلس.
واذا كان موضوع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يطرح علامات استفهام حول المخرج الذي سيدفع الى تبرير عدم اجراء الانتخابات واللجوء الى خيار التمديد لولاية المجلس الحالي للمرة الثانية، فان دون هذا التمديد عقبات جدية لا تتصل بمسألة التمديد في ذاتها، بل بقرار رئيس المجلس نبيه بري عدم السير بهذا الاجراء مجانا. وهو لا يخفي موقفه امام زواره حيث يبدي انزعاجه من المضي بتمديد ولاية مجلس معطل وغير قادر على الانتاج.
وعليه، فقد نجح بري في انتزاع موافقة "تيار المستقبل" على تفعيل عمل المجلس واطلاق يده في العمل التشريعي. والمعلوم أن هذا الموضوع كان في صلب محادثات رئيس المجلس مع الرئيس سعد الحريري أخيرا، حيث كان التوافق واضحا على اعطاء الاولوية لتفعيل عمل المؤسسات، ومن ضمنها حكما رئاسة الجمهورية.
وليس بعيدا من هذا التوافق الحركة الناشطة للنائبة بهية الحريري من جهة ولفريق عمل في وزارة المال من جهة اخرى، حيث يجري العمل من أجل انجاز الملف المالي العالق من خلال طرح مشروع قانون الموازنة العامة للسنة الجارية، والتي ينتظر ان تلحظ تسوية للحسابات العالقة موضع الخلاف.
وفهم ان التسوية المتكاملة تلحظ انجاز مشاريع القوانين الملحّة العالقة ولا سيما منها ما يتعلق بتأمين الاعتمادات لدفع رواتب القطاع العام التي عولجت بطريقة موقتة من خلال اللجوء الى احتياط الموازنة، من دون ان يعني ذلك ان المشكلة لن تعود الى الظهور بعد نفاد هذا الاحتياط. كذلك هناك ملف الاستدانة واصدار قانون الاجازة باصدار الاوروبوند الذي انتهى مفعوله في تموز الماضي.
وتؤكد المصادر ان الصفقة الشاملة أنجزت في هذا المجال وجرى التوافق على اعادة تفعيل المجلس من هذا الباب، لكن الامر لا يزال ينتظر انجاز التسوية المالية التي ستعيد كتلة "المستقبل" الى البرلمان. وهذه التسوية ينتظر ان تتبلور ملامحها عند طرح مشروع موازنة 2014 على جدول اعمال مجلس الوزراء.
وأكدت المصادر ان كل الحركة السياسية الجارية حاليا، ولا سيما حركة النائب وليد جنبلاط تصب في هذا الاطار، ولا داعي لتحميلها اكثر مما تحتمل، من دون التقليل من اهمية الهواجس التي يثيرها جنبلاط في لقاءاته، والتي تشكل عامل ضغط لتفعيل عمل المؤسسات وعدم شلها وتفريغها. فالملف الرئاسي لم يعد شأنا داخليا، وجل ما يمكن القوى المحلية التعامل معه ضمن سقف التفاهمات الاقليمية هو تفعيل عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي، في انتظار كلمة الفصل في الاستحقاق الرئاسي.