الى صديقي الشهيد محمد طارق بدر تحية وبعد أعلم أنك لن تقرأ ما دوّنت، أعلم أنك لم تقرأ كلماتي التي أكتبها والدمعة تنهمر من عيني، أعلم انك لن تقرأ هذه الرسالة كما كنا نقرأ سوياً بكتاب واحد في مدرستنا الإبتدائية. أعلم يا صديقي الشهيد اننا افترقنا الى يوم القيامة، بعدما افترقنا من "حينا" الذي كنا نقطن به في "النويري" بعدما هاجموا منزلي أصحاب القمصان السود واجبروني على رمي ذكرياتي والهجرة القسرية من منزل الى اخر. لا وقت لدي لكي أنعش ذاكرتي بكلمة هنا أو سيرة هناك، ضحكتك تكفي لتكوّن في قلبي حرقة لم أذق طعمها قط، لم أشعر يوماً بقساوة الزمن كما أشعر بها الآن. أعود قليلاً اليك الى شخصية طارق المحب، الطيب، الهادئ، المتحمس دائماً للحياة، أعود الى مغامراتنا في الشارع، الى المراهقة في صولاتنا وجولاتنا، لم تكن حزبياً طائفياً، كنت لبنانياً تحب الحياة فقط، تحب الحياة لأنها تشبهك وتشبه نور قلبك. لم يخطر ببالي ان تكون انت الذي تقود سيارة الوزير الشهيد محمد شطح، لا أعلم لماذا، علمت من اول دقيقة من الإنفجار انه استهدف شخصية وكنت متوقعاً ان تكون للشهيد الشطح، لكن ما لم اكن اتوقعه، ان تكون انت السائق. طارق.. أضعفتني يا شهيد، كسرت أحلامي، جعلتني أخاف جداً على من حولي، أخاف من إجرامهم أكثر، من سياراتهم المفخخة، وأقوالهم المفخخة، واصابعهم المفخخة. شهيدنا لا تزال والدتي ووالدتك تحت الصدمة تنتظر زيارتك لمنزلنا كي نتناول العشاء سوياً كالمعتاد، لا تزال علبة سجائرك على الطاولة، لا تزال ملابسي وملابسك التي نتبادلها في دولابي ودولابك. حسرتي اليوم ليست على الموت "فالموت حق" لكن حسرتي ان لا يطول اللقاء فأنت شهيداً الى الجنة وأنا أنتظر دوري، عله يكون أقل قسواة.