كم من الصعوبة ان تعيش مع المجنون والغبي، فالأول لا يتحمل مسؤولية افعاله الشاذة ولا عليه حرج، والثاني لا يترك مجالاً للمجادلة والنقاش، كونه لا يفقه المنطق.

نعم حزب الله غبي سياسياً، ولوعدنا قليلاً الى الوراء نرى الغباء واضحاً، من الدخول في مغامرة مع الكيان الصهيوني والإنتهاء بكلمة "لو كنت أعلم" الشهيرة، من ثم كباش على المحكمة الدولية انتهى بإقراراها تحت الفصل السابع. الى الهجوم على الرئيس السنيورة وحرب "7 ايار" التي خلفت حقداً لن ينتهي الا مع انتهاء حزب الله سياسياً، ومن ثم اتفاق الدوحة الذي أفرز الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.

حزب الله الذي أتى بسليمان بعد صولاته وجولاته العسكرية الميلشياوية بشوارع بيروت والجبل، انقلب على الرئيس العسكري الذي حمل على كتفيه نجوماً ذهبية لا خشبية. الغباء تحول مع حزب الله الى علامة فارقة، خاصة مع ابعاد رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري عن لبنان بإستقالات جماعية قادها حزب الله ونفذها فريق 8 اذار، من ثم اتوا بالرئيس نجيب ميقاتي الذي اقتنع بغباء حزب الله وانقلب على شعبيته التي أفرته نائباً عن لائحة تيار المستقبل في طرابلس. ميقاتي الذي قدم كل ما بوسعه لإرضاء حزب الله، من الإنقلاب على ناخبيه، وقرار طائفته ومدينته مقابل مركز حكومي، وعدم الإستقالة عقب اغتيال اللواء وسام الحسن، والسكوت عن 19 جولة حربية على محاور القتال في مدينته طرابلس في عهده، فشل من حماية نفسه من غباء حزب الله، الذي قضى علي حياته السياسية عندما اقتنع ان البلد لا يحكم الا بكل أطرافه، فأعادو فتح جسور العلاقة مع تيار المستقبل المعتدل سنياً، لتدارك خطر التشدد السني الذي وصل الى ذروته، خاصة بعد غباء حزب الله بالمشاركة في القتال الى جانب الجيش اللبناني على المربع الامني للشيخ أحمد الاسير في عبرا الذي كان يمثل قبل المعركة العصب السني الأول في لبنان بغياب الحريري عن الساحة السياسية.

استكمل حزب الله غباءه بدخوله الى الحرب السورية الى جانب ظالم تاريخي، دخل التاريخ بإجرامه، وأدخل معه حزب الله ومن يمثل في لبنان الى حقبة تاريخية لا تقارن بتاريخ جبل عامل. اليوم حزب الله يشن اعنف هجوم سمته الغباء على رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي اتى نتيجة لانقلاب حزب الله في السابع من آيار، وبقرار من الحزب نفسه، فهو يقول وبكل صراحة أننا أغبياء في اختياراتنا وهي العبارة التي اخرجها وئام وهاب الى العلن بعد الاتفاق على الحكومة الجديدة، نتيجة لقبول حزب الله بشروط بتيار المستقبل وقوى 14 اذار لمشاركتهم بحكومة وتدارك خطر الإرهاب الذي ضرب لبنان، والذي استجلبه حزب الله من جراء تدخله بالأزمة الثورية الدائرة بين الظالم والمظلوم.

من يراقب العلاقة بين حزب الله ورأس الكنيسة المارونية في لبنان المتمثلة بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، يعلم ان العلاقة ليست في أحسن حالاتها، رغم توصيات وديعة حزب الله في الكنيسة المطران سمير مظلوم، الا أن مذكرة بكركي الأخيرة قطعت الود نهائياً، وهي التي تزامنت مع مواقف للبطريرك الراعي مشابهة لموقف الرئيس سليمان في البيان الوزاري للحكومة الجديدة. أخيراً لن يدرك جمهور حزب الله غباء قيادته الا عندما ينتهي بشار الأسد، وتعود ميليشيات الحزب الموجودة في سوريا تحمل خسائرها الدامية الى لبنان المستهدف بالإرهاب والذي يحمل بشعبة وجيشه وقيمه المشتركة وزر غباء حزب الله السياسي والطائفي. ليت جمهور حزب الله يفاجئنا ويجري حسابات الربح والخسارة من كل ما سلف قبل فوات الأوان، ولا يتفاءل بإنتصارات خيالية، وشعارت طائفية، فالتاريخ لم يدون مقولات هتلر بقدر ما دون خسارته المدوية.