صار من بديهيات القول ان مشكلة المشاكل في لبنان هي ذاك الارتباط العضوي بين الافرقاء اللبنانيين وبين دول خارجية ، وهنا انا لا اريد ان استثني احدا بغض النظر عن حجم التفاوت او حجم تأثير ذلك الترابط ومدى انعكاسه على الداخل ، سلبا او ايجابا ، لذا فان تفاعلات اي تحول خارجي على مجريات الحياة السياسية اللبنانية هو وبكل اسف امر محتوم لا ينكره حتى اصحاب الشأن من غير الشعور باي حراجة ، وبدون الدخول بالاسباب التاريخية وما يمكن ان يحلو للبعض بان يجد لنفسه من تبريرات لهذا الواقع المؤلم فان المحصلة النهائية لا تضفي الا الى نتيجة واحدة تقول باننا كشعب وكطبقة سياسية فاننا نفتقد للحد الادنى من من الاحساس بالوطنية وبمفهوم المواطنة ، ومن هنا ومن خلال هذا الواقع المؤسف فانه لا محاص لك لفهم ومعرفة مواقف الاطراف الداخلية الا من خلال قراءة التحولات الحاصلة بالخارج ، وتأتي في مقدمة هذه التحولات الكبرى في مرحلتنا هذه هي ما يحكى عن التقارب الايراني الامركي والذي لم يعد الحديث عنه كالحديث عن سراب ، بعد ان اخذنا نتلمس اثاره بشكل واضح عند كلا الطرفين مما سيفضي حتما الى توقيع الاتفاق النووي مع دول ( 5+1 ) ، صحيح ان هذا الاتفاق وهذا التقارب سيكون عنوانه الملف النووي الايراني الا ان العارفين يؤكدون انه ( الاتفاق ) سيشتمل على مجمل الملفات الخلافية في المنطقة والتي سيكون لبنان واحدا منها ، وهذا ما اشار اليه بوضوح السيد نصرالله في خطبته ليلة العاشر عندما حاول ان يظهر عدم انزعاجه مما ستؤول اليه الامور ، وان كنت هنا اوافق السيد نصرالله بان " حليفه " الايراني لن يبيعه في  سوق النخاسة ، ولن يرمي استثمار بمليارات الدولارات على قارعة الطريق ، الا ان هذا لا يعني البتة ان حزب الله غير متوجس خيفة من هذا التقارب وانه غير قلق بل على العكس تماما ، فالاضطراب والخشية تكاد تظهر من خلال الخطب الانفعالية والمواقف المتشنجة لقيادات الحزب وهذا طبعا يتنافى مع الادعاء بالطمأنينة المزعومة ، وهنا يأتي السؤال عن سبب هذا الصخب الاستباقي بدل الركون الى الاسترخاء ، وانا اكاد اعتقد جازما بان سبب هذا الانفعال هو ذلك الشعورالعميق عند الحزب بالخوف من  " التعري السياسي " في مرحلة ما بعد التوافق ، لان ذلك التقارب ان حصل مع الغرب ومع الامبريالية ومع الشيطان الاكبر وبالتالي مع مروحته في المنطقة فانه سيُفقد حزب الله حاجة اساسية تمثل سبب وجوده الا وهي " العدو " والتي طالما لعبت هذه الفكرة " العدو"، الرافعة الوحيدة لمشروع الحزب ، فان مع غيابه سيفقد الحزب الرئة الوحيدة التي يتنفس من خلالها خاصة مع غياب اي مشروع وطني لديه او برنامج سياسي ، وبالتالي فانه سيفقد بذلك اي مبررلأصل بقائه ، وهذا اخشى ما يخشاه .