اكثر من ستة اشهر مر على تكليف تمام سلام لتشكيل الحكومة , والتي لا تزال الى اللحظة دون ان تبصر النور وعالقة بين شفرات الشروط المتبادلة لفريقي 8 -14  , والمرجح ان فترة الانتظار هذه سوف تطول اكثر بغياب اي ملامح لبصيص نور في اخر هذا النفق المظلم الذي ادخلوا فيه البلاد والعباد , والمضحك المبكي في هذا الاطار هو عندما  يخرج علينا متفلسفي الفريقين مدعين ان التأخير هو امر طبيعي وان هذا هو ديدن تشكيل الحكومات في لبنان ! حتى كأن التأخير هو واحد من تقاليد السياسة اللبنانية العريقة , والانكى عندما يتشبهون بالازمة السياسية التي مرت بها بلجيكا منذ فترة  واستغرق البلجيكيون حوالي ثمانية اشهر لتشكيل حكومتهم متناسين هؤلاء الفوارق الهائلة  في حجم الاستقرار بين البلدين والصفيح الساخن الذي يرقد عليه لبنان نتيجة الازمات الكبيرة التي تمر بها المنطقة ! بحيث تصبح اي عملية مقارنة لما نحن فيه مع اي مرحلة اخرى  او بلد اخر هي اقرب الى ضرب من الجنون !! اما عدم وصول عملية التشكيل الى شاطئ الامان والذي يرجع  الفضل فيه الى جهود فريقي النزاع والذي هو نتاج وجود امرين اساسيين عند كليهما , اولا النظرة الاستحقارية للمواطنين على الضفتين وعدم الاكتراث لهموم الناس ومعاناة جماهيرهما ومآسيهم وان هذه الجماهير الحمقاء هي بالواقع في اخر سلم الاولويات عندهما ,, ثانيا وجود حالة مستشرية من الكيدية السياسية تتحكم بكلا الفريقين , والدليل على هذا الادعاء  ان فريق 14 اذار المنتظر لحدوث تحولات كبرى بالمنطقة تخوله شي من التوازن المفقود والذي لا يعرف ان احد زمان حدوثه هو يمتلك الان مركز رئيس الحكومة الذي يستطيع ان يحلها ليعاد التشكيل مرة اخرى عند حدوث متغيرات حقيقية تساهم بتحسين موقعه وفق معطيات جديدة , ويتخلص من حكومة تصريف الاعمال التي لا يتمثل فيها مطلقا , واما فريق 8 اذار فهو يعرف جيدا ان الرئيس المكلف والذي قد سمي باصواتهم ايضا هو اضعف بكثير من التجرؤ على اتخاذ اي من القرارات التي قد تضعه في حالة مواجهة مباشرة معه , وبالتالي فان ما يسمى الثلث المعطل او الضامن فهو تحصيل حاصل , كما وان اعطاء فرصة لانجاح رئيس حكومة موقعه الاصطفافي على هامش الفريق الاخر وعنده امتدادات زعامتية تاريخية مما يجعل من اثبات وسطيته بشكل دائم هاجسه الاول سيشكل منه ضمانة اساسية على امل تسجيل اسمه في لائحة رؤساء الحكومات المفترضين باستمرار مما سيجعله وهو يمارس الحكم في السراي الكبير في حالة  تشبه المواجهة المستمرة مع فريقه الذي يريد منه لعب دور رأس حربة مقابل الفريق الاخر وهذا الدور الذي لم يستطع ان يلعبه سعد الحريري نفسه عندما كان في موقع رئيس الحكومة , فما تقدم  يشير ان تشكيل الحكومة بحد ادنى من التوافق بين الفريقين هو امر سهل وميسر على قاعدة عدم احراز انتصارات لفريق على اخر وطبعا فانه لن يضر بمصالح اي من الفريقين فيكون المستفيد الاكبر هو المواطن والوطن لولا وجود هذا  الكم هائل من الاستهتار والكثير الكثير من الغباء .