سأحاول في هذا المقال أن أعطي كل صاحب حق حقه، ولن أعمل على تفضيل طرف على أخر،  بل سأسعى فقط إلى نقل الصورة الحقيقية التي نراها اليوم على الأرض.

لقد برزت في الأونة الأخيرة على ألسنة بعض الممانعين عبارة "التكفريين" لوصف بعض المجموعات المسلحة التي تقاتل في وجه النظام السوري وقد حاول هذا البعض  -ولو نكر-نسب هذه المجموعات إلى الطائفة السنية الكريمة ما يجعلها تظهر على أنها "دراكولا " قادم للسيطرة على المنطقة ويسعى لإبعاد الطوائف والأديان الأخرى في حين أن التاريخ يثبت أن السنة كانوا دائما من أهل الحوار والوسطية.

إن الأفعال الذي تقوم بها بعض الفئات بإسم أهل السنة مرفوضة ولا تمت بأي صلة للطائفة الكريمة. وكما هو من الضروري رفض أي أفعال تمارس بإسم السنة فإنه فهو من الضروري  أيضا رفض أي  إتهام لهم بإرتكاب أفعال جرمية لا تمت لهم بأي صلة، وإلا فإن ذلك سيجعلنا نعمم بعض التجارب المريرة التي إرتكبتها بعض الأحزاب على تلك الطوائف التي ينتمون إليها.

وبما أننا نتحدث عن تصوير السنة على أنهم "دراكولا" بسبب أفعال لا علاقة لهم بها، فماذا إذا لو إتهمنا الطائفة الشيعية الكريمة ببعض الجرائم التي إرتكبتها بعض الأحزاب التي تعتبر نفسها شيعية؟؟ فمثلا ماذا لو قلنا أن الشيعة هم من قتلوا أكثر من ٢٠٠٠ فلسطيني في مخيمي شاتيلا والداعوق في عام ١٩٨٥ فقط لأن حركة أمل هي من قامت بذلك؟؟ وماذا لو قلنا أن الشيعة هم من إقتحموا بيروت في ٧ آيار ٢٠٠٨ وأنهم هم من أرعبوا أهلها الأمنين فقط لأن حزب الله هو من فعل ذلك؟؟ وقائمة الإتهامات تطول.

إذا لا يمكننا تعميم بعض التجارب على الطوائف، وإلا ذلك سيجعلنا نفتح بابا" لن نستطيع إغلاقه.

إلى ذلك فقد برز في الأونة الأخيرة بعض الممانعين الذين يسعون إلى تصوير الطائفة السنية على أنها تخلت عن القضية الفلسطينية، وقد برز ذلك صراحة في خطاب السيد حسن نصر الله الأخير في يوم القدس عندما قال أن شيعة علي بن أبي طالب لن يتركوا فلسطين، وهو لم يقل الملسمين لن يتركوا فلسطين، وذلك سعيا إلى تصوير الطائفة الشيعية الكريمة على أنها "سوبر مان" الذي يحمل هم القضية الفلسطينية وحده على أكتافه، وهذا بالتأكيد غير صحيح. فالمقاومات العربية عبر التاريخ كانت بداياتها سنية، فمن الشهيد عمر المختار مرورا بأبطال المقاومة العراقية وصولا إلى أشاوس المقاومة العراقية والقائمة تطول، هذا دون أن ننسى بالتأكيد دور المقاومات الشيعية التي حققت إنتصارات كبيرة على أعداء الأمة.

 

صحيح أن الطائفتين السنية والشيعية بينهما خلاف كبير عمره مئات السنين، إلا أن ذلك الخلاف يجب أن لا يتوسع من خلال ربطهما ببعض الأفكار التي لا تمت لهما بأي صلة، لأن ما نحن بحاجة إليه اليوم هو الأصوات الواعية التي تدعو للمحبة ولنبذ الفتنة بين الطرفين لأن هذا هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.